لا يكاد يخلو مجلس من مجالسنا من الحوار والحديث الذي يعكس سلبية غريبة.. أيًا كان موضوع الحديث تبرز تلك السلبية .. والأسوأ عندما يصاحب ذلك المقارنة بين ما عندنا وما عند الآخرين. النقطة التي أود أنّ أركز عليها هي .. لماذا نتحول جميعاً إلى نقّادين لمجرد النقد؟! ولماذا تقودنا هذه الانتقادات إلى التقليل من شأننا ؟! نشتكي من سلوك قيادة المركبات في الشوارع والطرق.. ننتقد مستوى النظافة في الأحياء.. نشتكي من سلوك الناس في الإجازات وننتقد مستوى أداء المعلمين في المدارس .. ننتقد سلوك التعامل مع المرافق العامة .. نشتكي ونضرب الأمثال لتعامل الموظفين والعاملين في هذا القطاع أو ذاك. قائمة الشكوى والانتقاد في المجالس تطول وتطول .. فما أن ينفتح موضوع إلا ويتهافت الحاضرون ويتبارون في الشكوى والانتقاد.. وكأننا نتحدث عن شعب آخر وليس نحن!! .. وكأننا نتحدث عن مجتمع آخر !!فمِن مَن نشتكي ؟! ومَن ننتقد ؟! أليس نحن من يستخدم الطرق والشوارع ونسير فيها بمركباتنا ؟! أليس نحن ومنا الموظف ومنسوب هذه القطاعات التي ننتقدها ، ونحن الذين نتعامل مع بعضنا البعض فيها ؟! أليس نحن من يتعامل مع المرافق العامة وننتفع بها ؟! أليس نحن من يفترض أن يعكس مستوى النظافة والذوق العام في أحيائنا وحاراتنا ومدينتنا ؟! هذه الأسئلة وغيرها فقط أحببت أن أطرحها لتكون حاضرة ونحن نمارس ” هواية ” الانتقاد في مجالسنا .. أردت أن نستحضرها ونستدعيها لتكون إجاباتنا وما نصطلح ونتفق علية هي بداية الضوء في التغيير في طريقة حياتنا وتناولنا للموضوعات والقضايا التي تهمنا . أنا متأكد أن كل منا لو بدأ في التفكير في تلك الاسئلة وجعلها منطلقاً لبداية التغيير في ذاته وفي المحيطين من حوله ستتسع دائرة الايجابية .. وستبدأ مرحلة التصحيح الحقيقي للكثير من ممارساتنا وسلوكياتنا وطريقة تفكيرنا . الغريب أننا ننتقد ما نقوم به ونمارسه باستمرار وماضون في ممارسته دون أنّ نحرك ساكناً ! ودون أن يكون لنا فعل أو تحرك باتجاه التغيير الايجابي لمكونات سلوكيات وثقافة المجتمع التي نتحدث عنها وننتقدها !! إن مكونات سلوك وثقافة أي مجتمع هي مجموع سلوك أفراده ومجموعاته وانعكاس ثقافة اعضائه .. لأننا في مجموعنا من يمثل هذا السلوك الجمعي أو المجتمعي قال الله تعالى ” إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ “