لطالما تطلّع المواطنون إلى التأمين الصحي الذي يمكن أن يوفر لهم الخدمة الطبية والعلاجية كما ينبغي، وفي شبكة واسعة من المستشفيات والمراكز العلاجية داخل المملكة. فرغم ما تتضمنه ميزانيات القطاع الصحي من أرقام ومبالغ كبيرة من الإنفاق سنوياً، إلا أن القطاع الصحي الحكومي ظل غير قادر على مواكبة الاحتياج من ناحية والنمو السكاني المتزايد من ناحية أخرى، وظلت هناك فجوة في مستوى الرعاية الطبية والعلاجية لا تتناسب مع تطلعات وحرص القيادة الرشيدة التي تُنفق بسخاء على القطاع والخدمات الصحية من جهة، ولا مع تطلعات المواطنين من جهة أخرى. لذلك أصبح التأمين الصحي ضرورةً ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى، وقد كان الجميع ولسنوات طويلة يسمعون ويقرؤون تصريحات عن مسؤولين في وزارة الصحة أن الوزارة تدرس نظام التأمين الصحي على المواطنين، وظلت هذه الدارسات تراوح مكانها دون أن يتم تطبيق هذا النظام، ودون أن يعرف المتابعون السببَ أو الأسباب وراء هذا التعثر في التطبيق. وفي اعتقادي أن تطبيق نظام التأمين الصحي على المواطنين له منافع ومكاسب عديدة، فضلاً عن كونه ينسجم مع رؤية المملكة 2030 من ناحية الاستثمار الأمثل للموارد وتجويد الخدمة الصحية والارتقاء بمستواها. ومن تلك المنافع والمكاسب التي أراها، على سبيل المثال وليس الحصر، تحسين جودة الخدمة الصحية للمواطنين وتوسيع دائرة الانتفاع على نطاق عريض في جميع مناطق المملكة، تحسين مستوى ونوعية الاستثمار للإنفاق الحكومي على الخدمات الصحية، فتح مجالات توظيف للكفاءات الوطنية من الأطباء والاستشاريين والكوادر الفنية والإدارية، تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في مجال الخدمات والرعاية الصحية سواء المستثمرين في إنشاء المستشفيات والمراكز العلاجية أو شركات التأمين وما يمكن أن تتيحه هذه السوق من فرص استثمارية من ناحية، وفرص عمل وتوظيف من ناحية أخرى. أيضاً تحول وزارة الصحة في مرحلة من المراحل من كونها مُقدماً للخدمة إلى مشرّع ومتابع ومراقب لنوعية وجودة الخدمة في القطاع الصحي. ولعل ما يبرر التفاؤل الآن في تفعيل تطبيق هذا النظام وجود رؤية طموحة تهتم بتطوير جميع المجالات وتنعكس إيجاباً على الوطن والمواطن، ووجود قيادة شابة ومبادرة وطموحة ومتفاعلة على رأس هرم وزارة الصحة، ممثلة في وزيرها وصاحب الخطوات التنفيذية معالي الدكتور توفيق الربيعة.