سنوات طويلة ظلت جامعاتنا تخرج الآلاف من الشباب من الجنسين في تخصصات ادارية ونظرية وحتى تخصصات علمية عامة أكثر من حاجة سوق العمل سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص ، وكان القطاع الحكومي في السابق يحاول استيعاب أكبر عدد ممكن من تلك الأعداد أو سواء في سلك التعليم العام أو غيره من المجالات في الوزارات والهيئات المختلفة ، حتى أن ذلك انعكس بشكل أو بآخر على مستوى وجودة التعليم الذي التحق به خريجون غير مؤهلين تربوياً وغير متخصصين في التدريس . ومع مرور الزمن أصبح القطاع الحكومي غير قادر على استيعاب المزيد من هؤلاء الخريجين ، وأصبح التوجه في التوظيف يركز على القطاع الخاص ، الذي له متطلباته من المؤهلات والمهارات والقدرات التي لم يدرب ولم يهيأ عليها الشباب الخريجين من الجنسين ، في الوقت الذي كانت وزارة التعليم العالي وهي مظلة الجامعات والكليات آنذاك تؤكد أنها تستوعب سنوياً أكثر من 90% من خريجي المرحلة الثانوية والتعليم العام ، يقابل ذلك رغبة مجتمعية تتمثل في أن كل أسرة تتطلع أن يحمل ابناؤها الشهادة الجامعية التي أصبحت الحد الوسطي المطلوب من التعليم ، ولم يكن هناك اهتمام من قبل الجهات المسؤولة عن التخطيط أو التعليم بالجانب الذي يركز على المهارات والتدريب والتأهيل المهني والتقني الذي يستشرف آفاق المتغيرات الاقتصادية ومتطلبات سوق العمل المستقبلية ، وكان يمكن المواءمة في هذا الصدد بإنشاء أو تخصيص بعض الجامعات التي تخرج خريجين بشهادات جامعية مهنية يغلب فيها جانب التدريب والممارسة المهنية والعملية التي تمكن الخريجين من امتلاك مهارات وقدرات تلبي حاجة سوق العمل وتتوافق مع التوجهات الاقتصادية والتنموية للبلاد ، ولعل هذا المأمول عمله الآن مع التطوير الذي تشهده جميع القطاعات ، لتصبح المعادلة في هذا الجانب موزونة بقدر الامكان وحتى نقلل من نسب البطالة ، وحتى يجد شبابنا فرص عمل جيدة تتناسب مع تطلعاتهم وتوفر لهم الحياة الكريمة.