أصبح برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث يؤتي أكله بأن يغذي البلاد بجزء من حاجتها للخريجين (والخريجات) الجامعيين ممن «يرطنون» بكل لغات العالم الحية ومن جامعات معتبرة من بلدان في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي ومن الاقتصادات المتقدمة وتلك حديثة التقدم ومن كل مجموعة العشرين ومن مجموعة الثماني ! ماذا بعد؟ وقد أخذت الدولة على عاتقها ابتعاث اليافعين من خريجي الثانوية العامة لكل هذه البلدان لتحقيق الملاءمة؛ الملاءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل! لكني لم أرى تهافتاً من قبل الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتوظيف هؤلاء الخريجين الذين تغربوا فقط حتى يصبحوا «ملائمين» لسوق العمل عندنا التي الملاءمة فيها «مزاجية»، وإلا فإن هناك سؤالا على وزارة التعليم العالي أن تبحث وبعمق عن إجابة له، بل أقترح على الوزارة الموقرة أن تعقد ورش عمل ومؤتمراً وطنياً يحاول أن يتناول السؤال من جوانبه المختلفة، أما السؤال: ما مدى ملاءمة خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمل في سوق العمل السعودي؟ وأردف بسؤال: هل أجرت الوزارة دراسة عن أنماط توظيف خريجي وخريجات البرنامج؟ وكم يمكثون ليتوظفوا عقب عودتهم للوطن؟ وأين يعملون؟ وما مستوى أجورهم؟ وهل يعملون في مجال تخصصهم؟ وفي أي قطاع وصناعة؟ وما نقاط قوة وضعف هؤلاء الخريجين من وجهة نظر موظفيهم من حيث القدرات والمهارات؟ هناك تحدٍ حقيقي في استيعاب خريجي الجامعات في سوق العمل، أفهم أن لا تستوعب سوق العمل خريجاً بمعدل منخفض في تخصص نظري ليس عليه طلب في سوق العمل، أما ألا يكون هناك طلب على الخريجين المبتعثين فهذا أمر يستحق التمعن المتعمق ويتطلب استقصاء مستفيضاً. وما تقدم يستتبع تساؤلاً: وفق أية آلية تحدد وزارة التعليم العالي التخصصات المطلوبة لبرنامج الابتعاث؟ هل تصل للعدد وللتخصصات من خلال دراسات مشتركة بالتنسيق مع وزارات التخطيط والخدمة المدنية والعمل؟ وبعد تنامي عدد خريجي برنامج الابتعاث فقد ضم حفل التخرج في واشنطن قبل أسابيع قليلة ما يقل ببضع مئات عن ثمانية آلاف خريج وخريجة..أقول بعد تنامي العدد هل من برنامج إعداد مهني لمن يعود منهم ليؤهله للعمل في السوق المحلية؟ وندرك أن العديد من المؤسسات الرائدة في القطاع الخاص تمرر الخريجين الجدد لبرنامج إعداد يستغرق أشهراً وبعضها يتجاوز العام بقصد تأهيل الخريج الجديد لبيئة العمل من جهة والتعرف على امكاناته ومهاراته من جهة ثانية بما يمكن اختياره للوظيفة الأكثر ملاءمة له حتى يستطيع أن يقدم أفضل ما عنده وبذلك تستفيد منه الشركة الاستفادة القصوى. وهكذا، فلعل أحد النتائج التي قد تسفر عنها الدراسات وورش العمل أن تحتضن وزارة التعليم العالي المبتعثين بعد تخرجهم باعتبار أن المهم توظيفهم وليس فقط مجرد تخريجهم على الرغم من أهمية ذلك. واحتضان الوزارة يتجسد في برنامج اعداد مهني يربط الخريجين بالوزارة التي احتضنتهم خلال سنوات دراستهم الجامعية حتى يستمر الرابط بالنتيجة السعيدة، بأن تسلم الوزارة الخريجين وظيفة بعد أن أدى المهمة وحصل على الشهادة من الخارج. ادرك أن هناك من قد يقول: وما علاقة وزارة التعليم العالي بتدبير وظائف للخريجين؟! أقول: كل العلاقة، فكما سبقت الاشارة أن أحد منطلقات برنامج الابتعاث هو المواءمة مع سوق العمل، فإن لم يك التوظيف محل اهتمام فَلِمَ اهتمت الوزارة بالمواءمة إبتداء؟ توتير: @ihsanbuhulaiga