تأتي استقالة المندوب البريطاني لدى الاتحاد الأوروبي، والمسؤول عن مفاوضات خروج بريطانيا من الاتّحاد، لتضع علامة استفهام حول قدرة رئيس الوزراء الحالي تيريزا مى Theresa May على السير في هذا الطّريق من دون عقبات جسيمة لم تكن تخطر على بال السياسيين الذين صوّتوا ودعموا ما عُرف ب"بركست"/Brexit فلقد صرّح هذا المسؤول أنّ عملية الخروج هذه قد تستمر لحوالي عقد من الزمن، حتى تستطيع بريطانيا الوقوف على قدميها اقتصاديًا، بعد أربعين عامًا من الارتباط القوي ببقية الدول الأوروبية في هذه المنظومة. وقد فتح "بركست" بريطانيا الطريق أمام "بركست" آخر، أشدّ ضراوة، وأكثر راديكالية، وهو صعود زعيم في البيت البيض الأمريكي، وطرحه لسياسات لا تخرج عن تجربته في عالم المال؛ فلقد أحاط نفسه بعدد من الجنرالات ورجال الأعمال الذين ربما تنقصهم ليس معرفة ما يجري في العالم الآخر مثل الشرق الأوسط؛ بل هم لا يملكون المعرفة الكافية بالشريك الأوروبي. ونضرب مثالاً على ذلك بتصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب "ترامب" التي أشار فيها بضرورة مشاركة أوروبا اقتصاديًا وماليًا مقابل الشراكة الأمريكية، التي ترعى حزب "النيتو"، وتحاول وتسعى لتقويته في وجه القوى الأخرى، منذ أيام الحرب الباردة، مثل الاتحاد السوفيتي. إضافة إلى التصريحات غير المسؤولة عن علاقة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالعالم العربي، وخصوصًا لجهة انحياز هذه الإدارة الجديدة للمشروع الصهيوني، وفي مقدمته نقل السّفارة الأمريكية إلى القدس الغربية، وهو أمر لم يُقدم عليه في الماضي الرئيس المحافظ رونالد ريغان، ومن بعده جورج بوش الابن، ممّا يستدعي ذلك كلّه ضرورة البحث عن بدائل سياسية جديدة، وخصوصًا في منطقتنا العربية. ولقد كانت خطوة إيجابية تلك التي أقدمت عليها رئيسة الوزراء تيريزا مى Theresa May بالمشاركة في الاجتماع الأخير لدول مجلس التعاون الخليجي، وصرحت بعده بأنّ أمن الخليج من أمن بريطانيا، وأمن بريطانيا من أمن الخليج. ومعلوم أن "ترامب" لديه موقف سلبي من الشراكة الأمريكية البريطانية؛ ولهذا تأتي دعوات بعض المؤسّسات السياسية العربية بعدم وضع الثقة في الإدارة الأمريكية، والتوجّه نحو عقد شراكات سياسية جديدة على مبدأ النّديّة والمصالح المشتركة مع دول مثل: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بما يضع كلّ هذه الشراكات في مسارها الصحيح، والمعتمد على مبدأ المصالح العربية المستقلة سياسيًا واقتصاديًا.