أخيرًا صدرت حزمة من العقوبات المغلظة ضد ممارسي التفحيط، فالشكر لمن كان مقررًا وداعمًا لها، ومن بعد منفذًا بدقة، وبلا محاباة ولا مجاملة، ولا مناطقية ولا واسطة، القرار جاء متأخرًا بالطبع بعد أن دفع المجتمع أثمانًا باهظة من حياة شبابه الأبرياء المتفرجين والمرافقين أو المفحطين المتهورين. لست هنا بصدد مناقشة أسباب التأخر، لكن الظن أنها باتت لنا عادة خاصة فيما لا يحسن تأخيره مثل قضية التفحيط أو الاعتراف بمشكلة المخدرات وغيرها! ومن هذه الشاكلة أيضًا نظام محاربة التحرش الجنسي التي لا زالت معلقة بدعوى أن إصدارها اعتراف بوجودها. وفي نظري أن العقوبات قد تجنبت علاقة ولي الامر بالممارسة المفزعة، فمن داخل الأسرة تنبت المشكلة بذرة صغيرة، ثم تكبر حتى تخرج عن السيطرة، فيزعم الأب في نهاية المطاف أن ابنه لا يستمع للنصح ولا يجزع من التوبيخ ولا يستسلم للتهديد والوعيد، وأن القضية في يد الحكومة فلتفعل ما شاءت به، ومع ذلك فإن مجرد القبض على المفحط وإيداعه السجن سيدفع ولي الأمر غالبًا إلى استدعاء ألوان من الضغوط وأشكال من استجداء الواسطة، وربما الفخذ والقبيلة والمنطقة. في داخل أسرة المفحط تعشعش غالبًا فيروسات الأنانية، فلا يعود الطفل يأبه بمشاعر الآخرين، ولا يتحسس آلامهم، ولا يهتم بمعاناتهم عندما يفقدون شابًا في عمر الزهور لمجرد أنه كان (متفرجًا) أو (مرافقًا) أو (مشجعًا). ولي الأمر جدير بنيل حظه من العقوبة ما لم يبادر مبكرًا إلى التبليغ عن انحراف ابنه الذي يشكل خطرًا على المجتمع، تمامًا كانحراف الداعشي أو القاعدي أو متعاطي المخدرات، ليس صوابًا السكوت على هذه الهواية الخطرة حتى تقع الكارثة فيموت هذا الشاب أو يُصاب الآخر إصابات بالغة قد لا يجد لها شفاءً بقية عمره. المقصود هنا ممارسة الضغوط مبكرًا، فهي مثل درهم وقاية، والوقاية في سن مبكر تحفظ الابن وأبناء الآخرين، كما تقيهم شرور السجن بمخاطره غير المحدودة وبآثاره السلبية لاحقًا، كما يحفظ المال الذي يُهدر على ركام من حديد يذهب سدى، وقد يكون صاحبه في أمسّ الحاجة إليه.. لا بد من طرق الباب مبكرًا. [email protected]