لا زالت "ظاهرة التفحيط" تحتاج إلى تعامل أمثل من الجهات المعنية، وخصوصاً مع انتشارها في الأحياء والطرق، مخلفةً وراءها ضحايا وخسائر كبيرة، فالملاحظ وبالقرب من المدارس وبعد انتهاء الدوام الرسمي هو تجمع العديد من الشباب لمشاهدة أحد المفحطين وهو يمارس هوايته، في ظل غياب الرقابة، الأمر الذي يساعد على تكرارها مرات عديدة، كما أن الطرق السريعة تشتكي من ذلك، الأمر الذي من الممكن أن يوقع أكثر من حادث مروري. وبدأ المفحطون باستخدام ظواهر جديدة ك"الخشات" و"الدرفتة"، ف"الخشات" عمليات استعراضية تتم في أوقات العصر، فيما أن "الدرفتة" نوع آخر بسرعة أقل، وهنا لابد من توفير أماكن خاصة لممارسة المولعين ب"التفحيط" هوايتهم هناك، لنضمن التقليل من الخسائر، سواء في الأرواح أو المركبات. "الرياض" تطرح الموضوع وتناقشه، فكان هذا التحقيق. المصورون شركاء في انتشار الظاهرة دور الأسرة في البداية قال الشاب "محمد خالد": إن ظاهرة التفحيط وأعداد المفحطين وجمهوره في ازدياد، مرجعاً تزايد أرقام المفحطين وجمهورهم للثورة الالكترونية وأجهزة الاتصال الحديثة، سواء من جوال أو "البلاك بيري"، معتبراً هذه التقنية داعما قويا لهذه الظاهرة ونواتجها، فالمفحطون والمشجعون والحضور يتواصلون بسرعة فائقة لتحديد مواقع التفحيط والمسيرات، مؤكداً على أنه خلال دقائق يتم كل شيء، مبيناً أن للأسرة دوراً مهماً في نمو هذه الظاهرة، فقيادة صغار السن للسيارات، وضعف متابعتهم، وكذلك معرفة سلوكيات أصدقائهم أمور تساهم في ضياع الأبناء، لافتاً إلى أن الإنفاق المادي الزائد عن حاجة الصغار، من العوامل التي قد تدفعهم لممارسة هذه الظاهرة والدوران في فلكها. جماهير تحيي المفحط وتدفعه للحماس أسماء وألقاب وأشار مطلعون ومقربون أن التفحيط عالم كبير، مشيرين إلى أن ممارسيه ليسوا أسوياء، فغالباً يمارسون هوايتهم الخطيرة وسيلةً لغاية ما، موضحين أن التفحيط بيئة خصبة لانتشار المخدرات، واصطياد صغار السن، ذاكرين أنه لسوء هذا الأعمال فإن المفحطين يتخذون لأنفسهم أسماء وألقاباً متعددة، مثل "مطنش" و"هوفو"، و"جحدر"، و"أبو خطر"، و"كايدهم"، إضافةً إلى "سبيشل" و"كنق النظيم" و"البروفسور" وغيرهم، ولو كانت أعمالهم مشرفة، لعرفوا وتشرفوا بأسمائهم الشخصية، مؤكدين على أن المفحط لا يمارس هوايته بمفرده، بل يرافقه في سيارته عدد من "المعززين" و"المساندين" و"المشجعين" ، فيما يختفي بين الجمهور آخرون لهم ارتباطات معه، تتعدد مهامهم بين المساعدة والمساندة في حالة الحوادث والأعطال، وكذلك محاولة إعاقة الفرق المرورية والأمنية، مع رصد للشبكة وهي عملية مرورية للقبض على المفحطين إضافة للمصورين. التجمعات لا تخلو من وجود صغار السن خشات ودرفتة وذكر مفحط سابق أن الظاهرة تنشط في الصيف أكثر من الشتاء، وغالباً تبدأ مسيرات وعمليات التفحيط بعد انتصاف الليالي، وتستمر للساعات الأولى من نهار اليوم التالي، فيما يمارس البعض هوايتهم القاتلة يومي الخميس والجمعة، ولكن تتم بشكل سريع وبعدد أقل، مضيفاً أنه يصاحب حفلات التفحيط مواكب ومسيرات وجماهير ومصورين، والتي تتكون من أكثر من سيارة، بحسب شهرة المفحط ومهاراته الاستعراضية، وكذلك قوة الحملة الإعلانية لأتباعه، مبيناً أنها تسلك طرقاً عامة وسريعة وبسرعات جنونية، وغالباً لاتخلو من حوادث مميتة ومضايقات لمستخدمي الطرق، مشيراً إلى أن التفحيط صاحبته ظواهر جديدة أخرى ك"الخشات" و"الدرفتة"، موضحاً أن "الخشات" عمليات استعراضية سريعة في أوقات العصر ويطلقون عليها "خشات العصريات"، وغالباً دوافعها الاستعراض في الأحياء السكنية، فيما أن "الدرفتة" نوع بسرعة أقل، ويتميز محترفوه بالقدرة على التحكم في توجيه السيارة. سيارات دون لوحات وتتغطى بالعبارات اللافتة تقليد أعمى وأكد على أن "الاستسواق" أسرع أنواع التأثر والإعجاب بالمفحطين، وهو اندفاع يمارسه بعض حضور "الحفلات"، ليمارس التفحيط إعجاباً وتقليداً لهؤلاء، وغالباً ينتهي استعراضه بحادث قد تكون نتائجه الموت، فيما تدفع ضحكات الحضور وانتقاداتهم لتكرار تجاربه القاتلة. وأوضح مفحط ابتعد عن هذه اللعبة الخطرة أن الظاهرة قضت على كثير من الشباب، موضحاً أن التعامل المروري في جوانب الرصد والمتابعة والمعاقبة لا يكفي، والمؤمل أكبر، متوقعاً أنه بإنشاء مضامير وميادين ومهرجانات للتفحيط ربما أسهم ذلك في الحد منه، مطالباً بتوعية الشباب وتذكيرهم بموقف الدين الإسلامي والنظام منه، مبيناً أن المفحط يسعى لتوثيق استعراضاته بالصور الثابتة والمتحركة، ذاكراً أن المصورن شركاء في النتائج السلبية المتعددة، مطالباً بمعاقبة المصورين بعقوبات تتناسب وجرمهم، إضافةً إلى حجب المواقع المتعددة على الانترنت، والتي تحوي صوراً ومقاطع للتفحيط، بل وتسوق لهذه الظواهر الضارة. أ.د.يوسف الرميح نتائج كارثية وأوضح "أ.د.يوسف الرميح" -أستاذ علم مكافحة الجريمة في جامعة القصيم والمستشار الأمني- أن التفحيط جريمة مكتملة وضارة بالمجتمع وبممارسيها، وكذلك بالأمن والآخرين، مضيفاً أن نتائجها قاتلة وكارثية، مرجعاً دوافعها للتراخي الأمني والمروري في التعامل معها ومع جماهيرها وحشود المتفرجين، إضافةً إلى ضعف الوازع الديني والأخلاقي لدى ممارسيها، مطالباً بتعامل أمني ومروري واضح وصريح، مقترحاً أن يعامل المقبوض عليه بالسجن لمدة لا تقل عن شهر، مع مصادرة السيارة، وتغريم المفحط بقيمتها في حالة الاستئجار، إضافةً إلى المنع من قيادة السيارات لمدة لا تقل عن عام، إلى جانب معاقبة المتفرجين بغرامات لا تقل عن (300) ريال للسيارة المتوقفة في المواقع، مع استخدام دوريات سرية للتتبع ورصد المفحطين والتواجد بمواقعهم، وتنفيذ مداهمات مفاجئة، مشدداً على أن الأهمية تتطلب التوعية بمخاطر التفحيط، مؤكداً على أن الدور كبير على مؤسسات المجتمع كالمساجد والتعليم بخطورة الظاهرة.