قبل أيام انفضّ مَولد (جائزة دبي العريقة والكبيرة للصحافة العربية) في دورتها الخامسة عشرة، حيث خَرجت (الصحافة السعودية) منها بِخُفّي حُنَيْن! وبعيداً عن تلك الجائزة، فالواقع يؤكد بأن صحافتنا - مع التقدير لِلمجتهدين فيها- قَد فَقَدَتْ حضورها وبريقها في السنوات الماضية، ولذلك أسبابه التي أرى منها: أولاً : أنّ (العمل الصحفي السعودي) في عمومه يفتقد للتفَرّغ، فإذا كان الاحتراف قد وصَل حتى لِلاعبي الكُرَة، فإن معظم مَن يركضون في مَيْدَانِنِا الصحفي متعاونون لهم أعمالهم الرسمية التي تأخذ وقتهم وجهدهم؛ وبالتالي فعطاؤهم محدود وتقليدي، يقتصر على نقل الأخبار التي ينقلونها من مواقع التواصل الحديثة أو تلك التي تَصِل إليهم من الجهات الحكومية والخاصة عبر (البريد الإلكتروني)، وهناك حواراتهم التي لا روح فيها ولا انفراد؛ يفعلون ذلك مقابل مكافآت بسيطة مقطوعة تعتمد على الإنتاجيّة! ولعَل بَحْثَ المؤسسات الصحفية عن ترشيد نفقاتها لمواجهة ما تعانيه مِن تحديات اقتصادية كبرى هو العامل الرئيس في اعتمادها على المتعاونين! ثانِيَاً: إن عدداً من الصحفيين عندنا يقومُ عَمَلهم على الاجتهادات الفردية التي تفتقِد للمِهَنِيّة، في ظِل ضعف مخرجات كليات وأقسام الإعلام في الجامعات التي يُصَاحِبها التنظير، ويبتعد عنها التطبيق؛ يُضَاف لذلك ندرة معاهد وأكاديميات التدريب الإعلامي في بلادنا؛ والغريب هنا أن برامج الابتعاث لم يحظَ فيها الإعلام بما يستحقه رغم أهميته، باعتباره السلطة الرابعة التي تُراقِب السّلُطَات الثلاث (التشريعية، والتنفيذية والقضاء)! ثالثاً: إن المؤسسة المَدنِيّة المعنية بشؤون قبيلة الصحفيين وأنا أعني (هيئة الصحفيين)، مع التقدير للقائمين لها لم تقم بدورها المنتظر في دعم منسوبيها لُوجستيّاً ومهنياً! ف (نقابة الصحفيين في مِصْر) مثلاً تُقَدّم الكثير والكبير للمنتسبين لها، كَ (الدفاع عنهم، وتأهيلهم بالدورات التدريبية، مع امتيازات التأمين الصحي، والمعاش التقاعدي، وكذا توفير الأندية الرياضية الخاصة بهم في مختلف المحافظات، وكذلك برامج للإسكان وحتى رحلات الحج والعمرة، والسياحة)! ولأهمية الإعلام في عصرنا الحاضر، ودوره في التأثير في المجتمعات وقيادتها، ومع انطلاق (رؤية السعودية 2030م التي تبدو الشّفَافية وحرية الرأي فيها حاضرتين هذه نِداء لوزارة الثقافة والإعلام وهيئة الصحفيين والمؤسسات الصحفية لعقد ورش عمل تهدف إلى رسم مستقبل أفضل للإعلام السعودي ليكون فاعلاً في خدمة وطنه! أخيراً من النّكَت المتداولَة أن أحَدهم ذهَب للِخِطبَة من إحدى الأُسَر، حيث سَأله الأب عن عملِه، فقال : (مُدير)، فأجابه والد الفتاة: ما شاء الله، أين؟! فقال الشّاب: (مُدِيْر قُروب واتساب)! هذه الطُرفَة تذكرتها وبعض الصحفيين الرائعين، قد انشغلوا عن مهنتهم وتَمَيزهم فيها بإدارة القُرُوبات الوَاتسَابِيّة، وحساباتهم الشخصية في مواقع التواصل، فهل يعودون؟! [email protected]