بغضّ النظر عن الموروث القبلي والثقافي، فقد ساعدت بعض الأنظمة والقوانين الاجتماعية والإدارية في انتشار ثقافة ذكورية ميّزت المجتمع السعودي بممارسة وصاية غير إنسانية على المرأة، وتأثرت بعض تلك الأنظمة بنظرة ثقافية وآراء تخص المرأة واعتبرتها «نعجة» يجب حمايتها من «الذئب»!! فحدّت من تحرّكاتها وحاصرت تصرّفاتها بالوصاية على شؤونها الشخصية. أرى أن كلام علي المالكي حول «عار» المرأة لا يخرج من منظور ثقافي غير سويّ ساعدت عليه أفكار وسلوكيات بعض من أفرزتهم «الصحوة المباركة» الذين شوّهوا -في نظري- العلاقة الإنسانية الاجتماعية بين المرأة والرجل في المجتمع السعودي، وحاولوا تصوير المرأة كمشروع انحلال كامن، وقنبلة فساد موقوتة!!. من الواضح لديّ أن المرأة السعودية وقعت ضحيّة مُناوشاتٍ وتنازعِ تيارات مختلفة، تسبّبت في استنزاف طاقات وهدر أوقات الجميع لإثبات الوجود والسيطرة، وكسب بعض قرارات رسمية حاسمة لتثبيت أمر واقع، مما فتح الباب واسعًا لاتهاماتٍ وتصنيفات وشتم وقذف وإهانات وغيرها من الوسائل الممجوجة للتعبير عن الرأي، نتيجة تشنّجات أخلاقية تصيب من يفتقرون لأدب الحوار واحترام الذات، ولا يحسبون لقبح كلامهم حسابًا. لا أشك في أن المجتمع السعودي يحصد حاليًا ما زرع من ثقافة وتربية وآراء تخص المرأة عبر عقود اختزلت – إلى حد كبير - العلاقة بين الذكر والأنثى في نظرة جنسية، ويتحمّل أفراده تبعات تأخّر تنظيمات وتشريعات اجتماعية تحمي مقدّرات المرأة وتغيّر النظرة التقليدية التي وصفتها كائنًا ناقص الأهلية يحتاج إلى مراقبة ووصاية، دورها لا يتجاوز نظرة ذكورية متسلّطة قيّدت حريتها الإنسانية المكفولة شرعًا، ويتكبّد أيضًا خسائر كبيرة نتيجة انفلات بعض الأفراد المتشددين دينيًا المضطربين فكريًا، في ظل اهتمام أولياء الأمور – حفظهم الله - بنهوض المجتمع بجميع أبنائه وبناته وفئاته، دون تمييز ولا تصنيف ولا تحجيم ولا تقزيم، مما يجعل المسؤولية الكبرى على المؤسسات التربوية والتعليمية والاجتماعية والتنفيذية، لسنّ قوانين وتشريعات تضمن استقلالية المرأة وتطوير أدائها، ضمن منظومة إدارية عادلة لا تسمح لأي فئة بالتعدّي على غيرها، وتحقيق معنى «لا ضرر ولا ضرار». همسة: اعتبار المرأة السعودية الأم والأخت والزوجة والإبنة ليس ضروريًا لتبرير الدفاع عنها، فهي ببساطة شديدة، إنسان لها حقوق وعليها واجبات كالرجل.. وكفى. [email protected]