ما بين الصداقة والحُب خيط رفيع، يشبه الذي بين الغيرة والشك، الخيط الذي إذا قُطع فقدت العلاقة توازنها، أنت بإمكانك أن تحب، ولكن ليس سهلاً أن تتعمّق، فالحب هو ذلك الشعور الهائج الذي يفرض مشاعر الخوف من موقف بسيط، أو مشكلة عابرة، بينما الصداقة شعور الأمان الذي يُذهب بمشاعر القلق بعيدًا، متى ما أحببت لا يُنسيك جمال الحُب أحاسيس الاستكنان التي تبعثها الصداقة فينا، أظهرها كما تظهر عواطف الخوف والغيرة والتملك والجنون؛ لأنك بذلك ستوزن العلاقة، فكلما أوشكت على السقوط ستنقذها بحبل الصداقة الذي يشد الطرفين للصعود لجبل حبهما مرة أخرى، وليس هيّنًا أن تكون صديقًا وحبيبًا في آن واحد؛ لأنه دور مختلف تمامًا عن حقيقة مشاعرك الجياشة، دور هادىء بريء، فالصديق يفرض عليك أن تضع قلبك جانبًا، ثم تتقمّص شخصية تقترح قرارات، تنطق حكمًا، تسمع بإنصات، ولكنك مضطر أن تُتقن هذا الدور المهم لسببين: الأول أن تكون أكثر من شخص في كيان واحد، والثاني أن تُغلق على العلاقة بأصابعك العشرة؛ حتى تختفي الفراغات، جرب مثلاً أن تبتعد عن مَن عشقته ستفتقده، وستشعر قوة هذا الفقد بشدة في الليل والكل نيام، ولكن جرّب أن تبتعد عن مَن عشقته وصادقته ستشعر بالضياع والحيرة، وفي أوج النهار والكل حولك.. عندما يميل قلبك لأنه سيفعلها حتمًا، فالقلوب لا تستقيم للأبد، استغل دور الصداقة كما تستغل دقائق الحب وساعاته وأيامه، تعلّم أهمية الصديق بحرفة كما تتعلّم كلمات الغزل، ورسائل العشق، وتذكّر ما الذي يفعله الصديق كي لا يخسرك كما تتذكر المناسبات، المهم أن تتنوّع بين جنون الحُب، وحنان الصداقة، لا تستمر على وتيرة واحدة، اختلق ألحانًا جديدة لأغنيتك المفضلة. ريان بن خالد