انتقلت روسيا أمس الأربعاء إلى مهاجمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إطار الأزمة المستمرة بين البلدين، باتهامه مباشرة بالاستفادة مع أسرته من تهريب النفط الذي يقوم ببيعه تنظيم داعش الإرهابي في سوريا، وتأتي هذه الاتهامات الجديدة بعد أكثر من أسبوع من إسقاط الطيران التركي طائرة عسكرية روسية على الحدود السورية، ما تسبب بأزمة غير مسبوقة في العلاقات بين البلدين، لكن الدبلوماسية الروسية أبدت أول إشارة انفراج بقبولها الأربعاء فكرة لقاء مع الأتراك في الأيام المقبلة في بلغراد، فيما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إنه لا يحق لأحد إهانة تركيا باتهامها بشراء النفط من تنظيم داعش، وأضاف: إنه سيتنحى إذا ثبتت صحة تلك المزاعم. من جهتها، رفضت الولاياتالمتحدة بشكل قاطع الأربعاء الاتهامات الروسية بأن الحكومة التركية ضالعة مع تنظيم داعش في تهريب النفط من سوريا، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر في تصريح صحفي: إن المعلومات المتوفرة لدى الولاياتالمتحدة هي أن تنظيم داعش يبيع النفط عند آبار النفط إلى وسطاء هم بدورهم ضالعون في تهريبه عبر الحدود إلى تركيا، وتابع تونر: «نرفض بشكل قاطع القول إن الحكومة التركية تتعاون مع داعش لتهريب النفط عبر حدودها، لا نرى بصراحة أي دليل يدعم مثل هذا الاتهام». وقال نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنتونوف الأربعاء في مؤتمر صحافي أمام مئات الصحافيين: «يتبين أن المستهلك الرئيس لهذا النفط المسروق من مالكيه الشرعيين سوريا والعراق هو تركيا»، وتابع المسؤول الروسي «إن الطبقة الحاكمة السياسية، ومن ضمنها الرئيس أردوغان وأسرته، ضالعة في هذه التجارة غير المشروعة»، معتبرًا «أن استهتار الحكومة التركية لا حدود له». ولدعم أقواله كشف أناتولي انتونوف صورًا ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية لقوافل من صهاريج النفط لكنه لم يوضح صلة أردوغان بها، وأضاف: «ألا تطرحون تساؤلات حول كون نجل الرئيس التركي يتولى رئاسة إحدى أبرز شركات النفط وأن زوج ابنته عين وزيرًا للطاقة؟ يا لها من شركة عائلية رائعة!»، معلقا على تعيين صهر أردوغان بيرات البيرق (37 عامًا) وزيرًا للطاقة وعلى نجله بلال أردوغان الذي يملك مجموعة «بي ام زد» المتخصصة بالأشغال العامة والنقل البحري. وقد سبق واتهم فلاديمير بوتين الاثنين أنقرة ب»حماية» مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي والتغطية على تهريب النفط الذي يمثل أهم مصادر التمويل للتنظيم الجهادي المتطرف، وذهب بوتين أبعد من ذلك فاعتبر أن قرار الطيران التركي إسقاط طائرة السوخوي-24 الروسية «اتخذ لحماية الطرق التي ينقل عبرها النفط الى الاراضي التركية»، وأضاف: إن تنظيم داعش ينقل الذهب الاسود «بكميات كبيرة الى تركيا» ويجني «ملايين ومليارات الدولارات»، إلا أن أردوغان رفض هذه الاتهامات وتحدى موسكو أن تثبت ما تدعيه. وبدا ان هذه الحرب الكلامية بدأت تميل إلى التهدئة الأربعاء عندما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن لقاء مع نظيره التركي مولود جاوش أوغلو ليكون أول اجتماع بين مسؤولين كبيرين بهذا المستوى منذ اندلاع الأزمة. وسيعقد هذا اللقاء على هامش مجلس وزراء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المقرر عقده في العاصمة الصربية بلغراد في 3 و4 ديسمبر. ولم يعط لافروف إثر وصوله مساء إلى بلغراد أي معلومات حول مكان وموعد عقد اللقاء لكنه تساءل «ما الذي يمكن أن يقوله لنا زملاؤنا الأتراك ولم يتم قوله علنًا؟» ثم أضاف: «سيكون من المؤسف أن لا نسمع شيئًا جديدًا»، وحتى الآن رفض المسؤولون الروس الكبار إجراء أي اتصال مع نظرائهم الأتراك، ورفض بوتين الرد على المكالمات الهاتفية للرئيس التركي كما حرص على عدم لقائه أثناء مؤتمر الأممالمتحدة للمناخ في باريس، وتطالب السلطات الروسية باعتذارات رسمية من أنقرة التي ترفض ذلك، وأكد أردوغان مجددًا الأربعاء أن تركيا ستعتمد «مقاربة متزنة» إزاء ردود فعل موسكو «الانفعالية».