لقد نفث الفكر الداعشي هذه المرة زُعاف سمِّه في مسجد سُنيِّ مؤكداً بما لا يدع مجالاً للشك بأن المُستهدف هو « الوطن « وليس « طائفة « بعينها كما كان يُسوِّق له البعض من قبل ، مما يعني أن مُخططاتهم تكشفت ونياتهم تعرَّت وهدفهم تبيِّن في سعيهم لزعزعة الأمن الوطني والانصياع لتنفيذ أجندة لفكر معادٍ للحياة في كافة مساقاتها ، والعيش بين أوراقها الصفراء التي لن يُكتب لها العودة إلا في مُخيلاتهم المُختطفة ، وتفكيرهم المُبرمج . إن استهداف بيت من بيوت الله في ثُكنة عسكرية هي ترجمة متوقعة لمسلَّمَات يؤمنون بها ، وقِيَم زُرعت فيهم من أربابهم الذين غذَّوا هذه البذر العدوانية في عقول تابعيهم حتى أصبحوا يتسابقون في تنفيذها للفوز بحُور العين ، واستلام مفتاح باب من أبواب الجنة للولوج منه دون حساب أو عقاب ، وهذه القناعات الحتمية لهم لم تأتِ من فراغ بل جاءت نتيجة منطقية لمنهجية اتخذت من العنف عنواناً لها ، ومن القتل وسيلة لحل مُشكلاتها. لقد أقدم الجاني على فعلته النكراء ولم يدر في خلده أن نتيجتها ستكون كارثية بكل ما تحمله هذه المُفردة من معنى ؛ فكيف سينظر غير المسلم لنا كمسلمين إذا قمنا بالقتل في مواقع مُحرمة بنص دستورنا إذ يقول المولى – عز وجل « ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين « ؟ وما هو ذنب أُسر الشهداء الذين لقوا ربهم - بجريرة أنهم توجهوا إلى الله امتثالاً لأوامره - ؟ وهل سأل نفسه ما المصير الذي ينتظر أبناءهم الذين راحت أرواح آبائهم أثناء أدائهم لواجبهم الديني والوطني؟ أسئلة ستبقى خالدة ما دام معتنقو هذا الفكر يعيشون بين ظهرانينا ، وطلاسم لن تنفك إلا بتفكيك خلاياها المُخططة لها في مهدها . [email protected]