لم أستغرب النتيجة الدراماتيكية التي توصلت إليها الدول 1+5 بشأن الملف النووي الإيراني ؛ إذ إن الإرهاصات السابقة تُوحي بأن وراء الأكمة ما وراءها ، وهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك برجماتية الطرف الأقوى في هذا الاتفاق « 5+1 « من جهة ، ويعطي مؤشراً أن سياسة الطرف الآخر « إيران « أثمرت عن رضوخ مبني على مصالح متبادلة تتبدل بحسب مُتغير الزمن ، وليس وفقاً لاتفاقيات ومعاهدات تتسم بأخلاقيات وقيم ثابتة . الغطاء الشرعي للاتفاق بُني على سلمية الاستخدام حسب ما أعلنته مفوضة الاتحاد الأوربي بقولها : « إن طهران لن تسعى أو تُطوِّر أو تحصل على سلاح نووي مهما كانت الظروف « ، وأرجعت هذا القرار انتصاراً للدبلوماسية الدولية ، ولكن يبدو أن القوى الغربية تجاهلت المكر الإيراني الذي لم يتوقف أثناء تطبيق الحظر ، واستمرار العقوبات ، فما بالهم بعد أن تحرر « محور الشر « من كل هذا وأصبح بمقدوره ممارسة هواياته العدوانية في العلن بعد أن كان يُديرها في السِّر ، وما تصريح وزير خارجيته بعد الاتفاق الذي جاهر فيه بأن على المفتشين الدوليين مراعاة الخطوط الحمراء عند دخولهم موقع بارشين العسكري ، مما يعني أن العَنت الإيراني سيواصل سلطويته حتى وإن تم الاتفاق الدولي حول برنامجه النووي . الملفت في الاتفاق هو لغة التهديد التي وجهها أوباما للكونجرس الأمريكي محذره من اتخاذ « قرار غير مسئول « يرفض بموجبه القرار ؛ الأمر الذي سيستخدم أوباما معه الفيتو لعرقلة القرار ، في الوقت الذي لم يستخدمه في قضية التدخل العسكري في سوريا وهي أولى ، وهذا تحدٍّ صريح بين قطبي السياسة التشريعية والتنفيذية للإدارة الأمريكية ؛ مما يعني أن الاتفاق له أبعاد خفيِّة تتجاوز البرنامج النووي وأسطوانة الصراع . [email protected]