لاحت في الأفق مؤخراً ظاهرة 'الكتاب الناشئين' و زخم تأليف الكتب ، وظهر معها بعض الانتقادات و أحياناً التساؤلات : ما سر إقبال هؤلاء الشباب على الكتابة فجاةً؟ ، هل هي ظاهرة صحية ؟ ماذا عن تلك الكتب التي يشفق البعض على أشجار ٍ قطعت من أجلها ؟ حاولت تفكيك المعضلة فوجدت أنها تنقسم الى : السبب، عقدة السن ،وجودة المادة نفسها. مما لاشك فيه أن الناس تكتب لأسباب عدة ، فهناك من يكتب لأنه يريد أن يكتب و لا يهمه بأي حال من الأحوال أن ينشر و بعض هؤلاء يحرمون القراء من مادة ثرية ، وهناك من يكتب سعياً وراء الشهرة ، والحقيقة أن الإنسان مهما كبر أو صغر سنه ، في كل زمان ومكان سيظل يبحث عن تعزيز شعوره بأنه "ذو قيمة" فيسلك هذا الطريق الذي تتساوى فيه الرؤوس 'الوزير' الكاتب و الموظف الكاتب ، وقد كان نجيب محفوظ موظفاً حكومياً عادياً لكنه ذو قلم كبير أجلسه في الصف الأول مع المسئولين . إن المجتمعات التي تتسم بجفاف النشاطات المتاحة -ومع ضعف التقدير الذاتي- لابد أن تهرول فيها شريحة معينة (عادة ما تكون الشباب) الى المجالات الجديدة ، من ظاهرة محال كعك "الكب كيك" الى برامج "اليوتيوب" . في رائعة الطيب صالح "موسم الهجرة الى الشمال" يقول بطل الرواية للرجل الغربي الذي جلس مقابله في القطار حين سأله عن سنه : "قلت له خمسة عشر ، و كنت في الواقع في الثانية عشرة .. لكنني خشيت أن يستخف بي!" للحديث بقية ..