قتلت قوات الأمن الفرنسية الأخوين المشتبه بهما في هجوم على مقر صحيفة شارلي إبدو أمس الجمعة حين اقتحمت مطبعة احتجزا بها رهينة في حين قتل أربع رهائن في حادث منفصل. وجاءت النهاية العنيفة للحادثين المتزامنين بعد عملية أمنية على نطاق لم يسبق له مثيل فيما تواجه فرنسا أحد أسوأ التهديدات لأمنها الداخلي منذ عقود. وبعد أن قال أحد المسلحين قبيل مقتله إن تنظيم القاعدة موله حذر الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند من أن الخطر الذي تواجهه فرنسا التي توجد بها اكبر جالية للمسلمين واكبر جالية لليهود في الاتحاد الأوروبي لم ينته بعد. وقال أولوند في كلمة بثها التلفزيون «هؤلاء المختلون والمتعصبون لا علاقة لهم بالدين الإسلامي». وأضاف «لم تنته التهديدات التي تواجهها فرنسا بعد». وبعد الخسائر الكبيرة في الأرواح على مدى ثلاثة أيام متتالية تحاول السلطات الفرنسية تفادي الصعود في المشاعر الانتقامية المناهضة لمهاجرين. وندد أولوند بقتل الرهائن الأربعة في متجر للأطعمة اليهودية في باريس وقال «حقا ارتكب عمل مروع معاد للسامية». وقال مسؤولون إن الاخوين شريف وسعيد كواشي قتلا عندما اقتحمت قوات مكافحة الإرهاب مطبعة في بلدة دامارتان جويل شمال شرقي باريس حيث احتجز المشتبه بهما الرئيسيان في هجوم الأربعاء رهينة. وقال مسؤول إن الرهينة بخير. وسمع دوي إطلاق نار من أسلحة آلية اعقبته انفجارات ثم هدوء بينما شوهد الدخان يتصاعد من سطح المطبعة. ووسط ضباب كثيف هبطت طائرة هليكوبتر على سطح المبنى في إشارة إلى انتهاء الهجوم. وقال مصدر حكومي إن الأخوين خرجا من المبنى وفتحا النار على الشرطة قبل قتلهما. وقبل قتله قال أحد الاخوين لمحطة تلفزيونية إنه تلقى تمويلا من القيادي بتنظيم القاعدة في اليمن انور العولقي. وقال في اتصال مع قناة بي.إم.إف التلفزيونية بثته بعد انتهاء الحصار «لقد أرسلني أنا شريف كواشي تنظيم القاعدة في اليمن. ذهبت الى هناك وأنور العولقي هو الذي قدم لي التمويل». وكان العولقي من الشخصيات الرئيسية التي جندت عناصر للقاعدة وقتل في سبتمبر ايلول 2011 في هجوم بطائرة بدون طيار. وبعد دقائق من اقتحام المطبعة أنهت الشرطة حصار متجر للأطعمة اليهودية في شرق باريس. وقتل أربعة رهائن إضافة الى المسلح الذي كان يحتجزهم. وأجرى محتجز الرهائن أميدي كوليبالي هو الآخر اتصالا مع قناة بي.إم.اف قبل مقتله ليبايع تنظيم «داعش» الارهابي وقال إنه أراد الدفاع عن الفلسطينيين واستهداف اليهود. وقال كوليبالي إنه خطط للهجمات بالاشتراك مع الاخوين كواشي وأكدت الشرطة أن الثلاثة ينتمون لنفس الخلية في شمال باريس. وكانت الشرطة تبحث بالفعل عن كوليبالي (32 عاما) الى جانب امرأة تدعى حياة بومدين (26 عاما) بعد مقتل شرطية يوم الخميس. ولا تزال بومدين هاربة. وفي المجمل قتل 17 شخصا ومحتجزو الرهائن الثلاثة منذ يوم الأربعاء. وتعتزم فرنسا تنظيم تجمع حاشد للتعبير عن الوحدة والاحتجاج على العنف يوم الأحد. وينوي كل من المستشارة الألمانية انجيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ورئيس وزراء ايطاليا ماتيو رينتسي ورئيس وزراء اسبانيا ماريانو راخوي ورئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر الحضور. كما عبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن دعم الولاياتالمتحدة وقال «أريد أن يعرف الشعب الفرنسي أن الولاياتالمتحدة تقف معك اليوم وتقف معك غدا.» وأظهرت لقطات تلفزيونية لمتجر الأطعمة اليهودية في حي فانسان عشرات من ضباط الشرطة المدججين بالسلاح خارج مدخلي المتجر. وبدأ الهجوم بإطلاق النار وانفجار على الباب ثم بدأ خروج الرهائن. وأظهرت صور لرويترز التقطت من مكان بعيد رجلا مذعورا يحمل طفلا بينما نقلتهما الشرطة لسيارة اسعاف. ونقل أخرون على محفات. وحشدت السلطات الفرنسية قوة قوامها حوالى 90 ألف فرد منذ هجوم الأربعاء على شارلي إبدو وهي صحيفة كثيرا ما تتهكم على الإسلام والديانات الأخرى. وقالت مصادر أمنية إن الأخوين المولودين في فرنسا من أصل جزائري كانا يخضعان للمراقبة ووضعا في قوائم أمريكية وأوروبية لحظر السفر جوا. وأثار العنف تساؤلات عن حفظ الأمن ومراقبة المتطرفين والسياسات اليمينية المتطرفة والدين والرقابة في فرنسا التي مازالت تواجه صعوبات لاستيعاب الجالية المسلمة التي يبلغ قوامها خمسة ملايين نسمة. وفي أمريكا، اصدرت محكمة في نيويورك الجمعة حكما بالسجن المؤبد بحق الداعية المتطرف البريطاني من اصل مصري ابو حمزة إثر ادانته باحتجاز رهائن والارهاب. والامام السابق لمسجد فينسبيري في لندن متهم بالتآمر واحتجاز رهائن ومساعدة مجموعة خطفت 16 سائحا غربيا في اليمن العام 1998 وانشطة ارهابية مرتبطة بمشروع مخيم للتدريب على الجهاد في 1999 في ولاية اوريغون الاميركية.