** من العبارات المتداولة في الفكر السياسي الغربي: "أن السياسة حرفة أو صنعة تقود إلى شيء من القسوة والألم وأحيانًا تبلغ درجة الوحشية" وقد وجدتُ رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جون ميجور: John-Major يستشهد بها في مذكراته التي تحدث فيها عن الصراع داخل مؤسسة حزب المحافظين البريطاني بعد استقالة مارجريت تاتشر عام 1990م تحت ضغط عدد كبير من نواب الحزب وفتح باب الترشح أمام الراغبين في خلافتها وكان ميجور في مقدمتهم. ** تذكَّرتُ هذه العبارة عندما كنتُ أتصفح مقالة واحد من أهم كتاب الأعمدة في صحيفة الديلي تلغراف Peter-Oborne والمقالة تحمل عنوانًا مثيرًا "الضرر الذي يلحق بشخصية كميرون - رئيس الوزراء البريطاني الحالي - من جراء تعلقه بشخصية توني بلير"، "انظر: الديلي تليغراف December, 24-30, 2014. ** ويشير الكاتب إلى أن كميرون يحاول ترسُّم خُطى توني بلير Blair، وخصوصًا في السياسة الخارجية، مستعيدًا في هذا السياق بأن "كميرون" قد ذكر في مناسبة خاصة أثناء خوضه عملية الترشح لزعامة حزب المحافظين بأنه يعتبر نفسه وريث تراث "بلير" السياسي، ومرد هذا الاستغراب أو الإنكار من الكاتب هو أن "بلير" ينتمي لحزب العمال المنافس الرئيس لحزب المحافظين. ** وأنه حسب قول الكاتب بأن كميرون -سعى لطلب النصح من "بلير" أثناء الأزمة الليبية قبل حوالى أربع سنوات، وذهب المحلل السياسي نفسه إلى أبعد من ذلك عندما صرح بأن أحد حلفاء "كميرون" أفشى له سرًا هامًا وهو أن "بلير" كان يدفع باتجاه تدخل مباشر في الأزمة السورية، ولكن تصويت مجلس العموم جعل الأمر مستحيلًا "على كميرون" وحكومته حتى وإن كان التصويت لصالح عدم التدخل عسكريًا غير ملزم في أدبيات السياسة البريطانية. ** ويُرجع الكاتب هذا الولع أو التعلق من قبل كميرون إزاء "بلير" العمالي، بتعلق الأخير ب"تاتشر" المحافظة. ** وفي إشارة إلى دور الإعلام في صقل الشخصيات السياسية البريطانية، بأن أنصار "بلير" في الشارع البريطاني بدؤوا في نقد شخصية الزعيم العمالي الحالي إيد ميلباند Miliband، لصالح كميرون باعتباره حاملًا لإرث "بلير" السياسي، مستدركًا بأن هذا الأمر يتطلب ثمنًا من جهة "كميرون" الذي كان أثناء وجوده في المعارضة يرفع صوته بضرورة نشر تقرير Chilcot" الخاص بالإفراج عن المخاطبات والوثائق السرية بين بلير والزعيم الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، والخاصة بالحرب على العراق، وكانت اللجنة قد طلبت مهملة (18) شهرًا لنشر هذا التقرير وخصوصًا لجهة مزاعم تورط بعض المسؤولين البريطانيين في عمليات تعذيب وأن حجب معلومات كهذه يصب في مصلحة التقرير الذي يقوم الكونغرس الأمريكي في تعقب سقطات جهاز المخابرات الأمريكي CIA ضد المتورطين في عمليات إرهابية. ويختم الكاتب مقالته التحليلية بإجراء مقارنة بين إعجاب كل من "بلير" ووريث إرثه السياسي "كميرون" بإمبراطور الإعلام المعروف روبرت مردوخ Murdoch، وأن هذه العلاقة تركت بصمات سلبية على كل من كميرون وبلير، وقد بلغ الأمر في حالة "بلير" بأن "مردوخ" اتهم "بلير" بقيام علاقة غير شرعية مع زوجته السابقة، وأجدني في الختام مرددًا ما ذكره جون ميجور بأن السياسة في الغرب تجارة تتسم بالوحشية والألم والقسوة واللا أخلاقية.