أعلنت إحدى الوزارات حكم التشهير بأحد المخالفين، وذلك في إحدى الصحف، مشيرة إلى أن هذا التشهير قد جاء بناء على ما أصدرته الدائرة الجزائية العاشرة بديوان المظالم، والمتضمن حكمًا صادرًا من ديوان المظالم يقضي بتغريم المخالفين مليون ريال، وشطب السجل التجاري للمؤسسة، وترحيل الشريك الأجنبي، والتشهير بنشر الحكم في صحيفتين على نفقتهما الخاصة، وقد صدر هذا الحكم بموجب نظام مكافحة التستر التجاري وتم تنفيذ الحكم. التشهير في اللغة من الإشهار، وهو الإيضاح والظهور، وهو ضد الإسرار والإخفاء. وقد يستخدم في الخير؛ مثل: إشهار الزواج، وتكريم الفائزين والمبدعين، أو في الشر من خلال ذكر مساوئ الناس واتهامهم، وهو في الاصطلاح: إشاعة السوء عن إنسان، وفضحه بين الناس، وهناك التشهير المشروع مثل قوله تعالى في عقوبة الزانية والزاني: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ). أمّا التشهير الاجتهادي: ما يراه القاضي باجتهاده رادعًا وزاجرًا؛ مثل جلد المجرم في الأماكن العامة، أو النشر عن جريمته في وسيلة إعلامية. عمومًا فممّا سبق نجد بأن التشهير هو عقوبة شرعية تصدر بناءً على أنظمة وقوانين أقرتها الدولة، ولا يملك حق التطبيق إلاّ بناء على حكم قضائي من قِبل الجهات المختصة، فالأفراد والجهات المختلفة لا يمكنهم أن يشهروا بالآخرين ما لم يكن هناك حكم قضائي نهائي، غير أن ما نجده اليوم على أرض الواقع يخالف هذا الأمر، فقد أصبح التشهير حقًّا للجميع، وخصوصًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فأي فرد أو مؤسسة، أو إدارة أصبحت تمتلك الحق في أن تشهّر بمن تريد، ولو لم يكن لديها حكم قضائي، بل إنها تقوم بالتشهير أحيانًا بمجرد الشك أو الظن، أو وجود شبهة معيّنة دون التحقق منها، أو حتى اختلاف في الرأي. نحن مع التشهير ضد كلّ من يثبت عليه الجرم، ويصدر بحقه الحكم الشرعي من قبل الجهة التي تملك حق التشهير وفق الأنظمة والقوانين، ومع التشهير الذي ينص عليه القضاء لردع كل فاسد، ومع التشهير الذي نصّ عليه الشرعُ، ووضع الأسس الصحيحة لتطبيقه كعقوبة ضد المخالفين. [email protected]