طريق الملك في جدّة، ابتدعت فيه الأمانةُ بِدَعةً ليست حسنة، فاستبدلت فيه إشارات المرور بلفّات U Turn، لا بجسور عرضية وحضارية، لتُصبح اللفّات "تِيتي تِيتي زَيْ ما رُحْتِي زيْ ما جِيتي"، أي مثل إشارات المرور السابقة لكن بلا ضبط إلكتروني، ولِينالها من الازدحام ما نال إشارات المرور، حتى أنّ صفّ السيارات في بعضها قد يطول لمسافة كيلومتر أو أقلّ بقليل، كما أصبحت مصدرًا مؤكدًا لخطورة عبور السيارات منها إلى الضفّة الأخرى، فما فائدة إلغاء الإشارات إذن؟!. جواب هذا السؤال هو أنّ الأمانة، وحسب المنشور في الجرائد مؤخرًا، قد فازت بجائزة التركيز الإستراتيجي التي تقدّمها مجموعة أمريكية اسمها "بالاديوم"، وتقع في مدينة بوسطن، والفائدة هي من آثار التركيز الإستراتيجي، فيا لها من فائدة، و"خُوش" تركيز!. والجديد في الموضوع هو أنّ إدارة مرور جدّة قد غارت من جائزة الأمانة، فصارت تُقيم نقاط تفتيش عن رُخص السياقة واستمارات السيارات في تلك اللفّات، ربّما طمعًا في جائزة مماثلة، وهذا رأيته بأمّ عيني، ليتضاعف طول صفّ السيارات فيها ويتمطّط للآخِر، وتنقلب اللفّات بحقّ وحقيق إلى عنق زجاجة ضيّق لا تخرج منه السيارة إلّا ببطء وطلوع روح سائقها، ولا أدري هل تُعتبر اللفّات نقاط تفتيش مناسبة في طريق مشهور بالديناميكية والحركة والازدحام طيلة النهار والليل؟! أم هي عبقرية مرورية فذّة؟!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، قالت إنّ التنسيق بين الأمانة وإدارة المرور في جدّة "مفقود يا ولدي مفقود"، مع اعتذارها لنزار قبّاني عن اقتباسها لعبارته، وها هي تُعيد نشر بعض أبيات قصيدته "قارئة الفنجان"، وتحكي فيها حالَ لفّات الطريق وازدحامها وخطورة العبور منها للضفّة الأخرى، مع قليلٍ من التصرّف في كلمات القصيدة: مَنْ يَدْنُو مِنْ لَفّاتِ الطَرِيق.. مَنْ يُحَاوِلُ فَكَّ ضَفَائِرِهَا.. مَنْ يُرِيدُ العُبُورَ مِنْهَا.. مَزْحُومٌ يا وَلَدِي.. مَرْعُوبٌ يا وَلَدِي.. وأخشى أن يكون مفقودًا يَا وَلَدِي.. مَفْقُودْ!!. @T_algashgari [email protected]