مرّة أخرى، أجدني مُحتارًا فيما تفعله أمانة جدّة في مدينتنا العزيزة جدّة، ممّا يُثْبِتُ اهتمامها بالمظهر دون الجوهر!. بالأمس، وعند إشارة مرور، كانت أمامي سيارة تابعة للأمانة، يقودها أحد أصحاب الوظائف "المتواضعة" فيها، ربّما سائق أو مراسل، لا أعلم بالضبط!. والشاهد هو أنه مكتوب على مؤخرة السيارة "هل لديك ملاحظة على قيادتي؟" اتصل على 6149999 عمليات الأمانة 940!. طبعًا، تقصد الأمانة بذلك أنها تُساهم في ضبط المرور داخل جدّة، وأنها ستعاقب أصحاب هذه الوظائف "المتواضعة" الذي يقودون سيّاراتها إذا ما خالفوا قواعد المرور، وبلَّغها من رآهم مُتلبّسين بالمخالفات من المواطنين والمقيمين، الأمر الذي أشكر الأمانة عليه كثيرًا!. لكن ما يُحيّرني هو أنّ جُلَّ سلبيات المرور في جدّة هي أصلاً من صناعة الأمانة، بتخطيطها البلدي غير النموذجي في الماضي، والذي لم يُواكب ازدياد المرور مع مرور الزمن، فضلاً عن عدم احتواء مشروعات الأمانة الحالية للازدحام المتنامي بالشكل الكافي، ممّا لم أهضم معه كأحد أهل جدّة مساهمة الأمانة الكتابية لضبط المرور على مؤخرة سياراتها؛ لأنها ببساطة "لا تودّي ولا تجيب" في حلّ المشكلة المرورية ككلّ!. ثمّ إذا كانت الأمانة مهتمّة بحق وحقيق بملاحظات صغيرة "لا تودّي ولا تجيب" عن المرور، فلماذا لم تهتمّ بالملاحظات الكبيرة التي تمتلئ بها الصحف بشكل يومي تقريبًا؟! ويُوردها كُتّاب وصحفيون متخصّصون عن المرور في جدّة وعن غيره؟! أليست هذه الملاحظات الأخيرة هي أوْلى بالاهتمام؟!. أنا بأمانة ليست لديّ ملاحظات على من يقود سيارات الأمانة، فهم عال العال، وتمام التمام، لكن لديّ ملاحظات كثيرة أهمّ على أداء الأمانة، وبعض مسؤوليها من غير السائقين والمراسلين، ممّا سبق أن كتبت عنها كثيرًا، لكن يبدو أنّ مصيرها كان التطنيش والطناش، فدخيلك يا أمانة لا تضبطي المرور، واضبطي بدلاً منه بُنية المرور الأساسية من شوارع تحتاج لمعالجة وإصلاح، وهي من صميم صلاحياتك!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، بعثت لي برسالة واتس آب تقول فيها إنّ الاهتمام بالمظهر دون الجوهر هو ديدن جهات أخرى كذلك، وهو ثقافة لا فائدة منها، تشبه الخشب المجوّف المُسنّد، يبدو قويًا لكنه عكس ذلك، وقد تعالج هذه الثقافة عَرَض المرض، وتترك المرض في أتمّ صحة وعافية!. @T_algashgari [email protected]