هذا الأسبوع شهد بداية العام الهجري الجديد وبداية العام السبعين من عمر الأممالمتحدة، وفي تلك المناسبة أقام الأمين العام حفلاً موسيقياً كبيراً حضره مندوبو دول الكون، كانت الأوركسترا مكونة من عازفين أتوا من قارات العالم الخمس، بقيادة المايسترو الكولومبي جوميث وعازف البيانو الصيني الشهير لانج لانج والفنان البريطاني ستينج الذي غنى "كم هو هش هذا العالم".. كان الحفل مناسبة للتأكيد على وحدة الإنسانية في المحبة والتفاهم وحب الخير والسلام، وللدلالة على قدرة الفنون عامة، والموسيقى بشكل خاص، على توحيد العالم. لم يغب عن ذهن الحاضرين أن ملايين الناس في أفريقيا لا يعرفون إن كانوا سيصبحون في العام الجديد أرقاماً في إحصائيات إيبولا، وأن مئات الألوف من المحاصرين في ريف دمشق لا يدرون إن كان العالم سيبادر في العام الجديد إلى فك الحصار عنهم كما فك الحصار عن بضعة آلاف من المحاصرين في سنجار، ولا أن مئات الأطفال في باكستان قد أصابهم شلل الأطفال، وهو مرض كان على وشك الاندثار من العالم أجمع، وأن مئات الآلاف من الأطفال الآخرين لم يتلقوا جرعات التطعيم لهذا المرض منذ عامين أو تزيد، وأن ملايين المسلمين في ميانمار ما زالوا يتعرضون للاضطهاد والتعذيب من قبل المتطرفين البوذيين تحت مرأى ومسمع من الحكومة " الديمقراطية " في تلك البلاد، وأن ملايين الكوبيين مازالوا يعانون من حصار مزدوج أحدهما تفرضه عليهم سلطات بلادهم والآخر تفرضه عليهم الولاياتالمتحدة التي تمنعهم من الإتجار والتفاعل مع العالم، وأن ملايين الفلسطينيين مازالوا يبحثون عن الأمن والسلام في وطنهم والحق في العيش بحرية وكرامة بعيداً عن ذل الحواجز الأمنية والحصار والاحتلال. ومع ذلك كله، فالعام الهجري الجديد يحمل لنا بشائر التفاؤل، فكما أن الهجرة النبوية الشريفة كانت بداية عز للإسلام والمسلمين، وتحرير للبشرية من ضلالات الشرك والوثنية، فإن هذه الذكرى يجب أن تحملنا على التفاؤل بأن يكون عامنا الجديد عاماً للعز والتمكين، للسلام والحق والعدالة، للإخاء والحوار.. وليبادر كل منا إلى أن يعمل على أن يضيف إلى عالمه ابتسامة، وأن يستنشق وردة، وأن يضيء شمعة. وكل عام وأنتم بخير!! [email protected]