يواصل تنظيم «داعش» هجماته في العراق وسوريا، وفي الوقت نفسه يكتسب دعمًا من أفراد وجماعات في أنحاء متفرقة من العالم. وقد يكون التطوّر الأكثر أهمية الذي طرأ أخيرًا هو الإعراب الذي صدر من قبل جماعة جديدة نسبيًا نشأت في ليبيا باسم «مجلس شورى شباب الإسلام» عن تأييدها لهذا التنظيم، وأعلنت أيضًا في نهاية الأسبوع الماضي بأن مدينة درنة تُعتبر الآن جزءًا من «خلافة» «الدولة الإسلامية». وعلى الرغم من أنّ قادة «داعش» لم يعلّقوا على هذا الإعلان ولم «يضمّوا» المدينة رسميًا إلى «الدولة الإسلامية»، تبيّن خطوة «مجلس شورى شباب الإسلام» نهجًا للتوسّع يُحتمل اعتماده في المستقبل يختلف عن نموذج تنظيم «القاعدة» القاضي بمنح امتيازات لتنظيمات مختلفة في جميع أنحاء العالم. ويمكن أن توضِّح هذه الخطوة أيضًا كيف أنّه قد لا تكون هناك أيّ أهمية للحدود الوطنية والمساحات المتجاورة فيما يتعلق بالكيفية التي سيوسّع بموجبها تنظيم «داعش» خلافته –المزعومة- إلى ما هو أبعد من بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين. ففي 4 أبريل، أعلن تنظيم «مجلس شورى شباب الإسلام» عن وجوده عندما نزلت عناصره الملثمة إلى شوارع درنة التي تقع على ساحل البحر المتوسط على بُعد 150 كيلومتر تقريبًا شرق بنغازي. وأعلن أولئك الملثمين، أنهم سيشكّلون القوة الأمنية الجديدة في المدينة ويطبّقون فيها حكم الشريعة. وفي 13 مايو، بدأ «المجلس» بإجراء دوريات أمنية في أجزاء من درنة، وبحلول منتصف أغسطس، كان قد سيطر على مستشفى «الهريش»، وفي 18 مايو، بدأ «المجلس» بملء صفحته الرسمية على موقع ال»فيسبوك» ببيانات من لجنته الشرعية عن أفراد كانوا قد انضموا إلى صفوف الجماعة، وهو تكتيك يستخدمه أيضًا تنظيم «الدولة الإسلامية». ومنذ ذلك الحين، تمّ نشر بيانات عن حوالى مائة أو أكثر من هؤلاء الأفراد. وفي 12 أغسطس، نزل أعضاء من «المجلس» إلى الشوارع للمطالبة بتطبيق الشريعة، في حين نشرت لجنة الشريعة أطروحة معادية للديمقراطية على شبكة الإنترنت بتاريخ 20 أغسطس.. فضلًا عن استخدامه أيقونة «داعش»، وأبرزها راية التنظيم السوداء، أصدر «مجلس شورى شباب الإسلام» أيضًا بيانًا في 22 يونيو أظهر فيه دعمه ل «الدولة الإسلامية» وزعيمه أبوبكر البغدادي. وفي 7 أكتوبر، أعرب الفصيل المتمرد الرئيسي «كتيبة شهداء أبوسليم» - إلى جانب بعض السكان المحليين - عن عدم رضاه عن إعلان «مجلس شورى شباب الإسلام»، بقوله أنه لن يعلن «البيعة» مطلقًا إلى أي شخص خارج ليبيا. ويعتقد أنّ الجماعتيْن متورطتان في معركة ضروس في أجزاء من درنة، الأمر الذي خلّف العديد من القتلى والجرحى في الأسابيع القليلة الماضية. وتُلقي مثل هذه التطورات ظلالًا من الشك على إمكانية استدامة مشروع «مجلس شورى شباب الإسلام»؛ ولكن مع ذلك، لا يمكن تجاهل تاريخ درنة المليء بالعلاقات مع حركات متمردة في بلدان أخرى. فعلى سبيل المثال، عندما عثرت القوات الأمريكية في العراق على قائمةً بأسماء المقاتلين المتمردين الأجانب في البلاد عام 2007، كان 52 من الليبيين ال 112 المذكورين على تلك القائمة من درنة. على الرغم من غياب البيانات الرسمية من «داعش» بشأن هذه المسألة، قد تشكّل المناورة التي قام بها «مجلس شورى شباب الإسلام» في ليبيا نموذجًا لاستحواذ تنظيم «الدولة الإسلامية» مستقبلًا على أراضٍ خارج قاعدته في العراق وسوريا. ولا تزال قدرات القيادة والسيطرة موضع أسئلة، حيث قد تكون هناك حاجة إلى تلك القدرات لتحقيق سيناريو مشابه، فضلًا عن الشؤون اللوجستية المترتبة على حشد مقاتلين أجانب وشبكات تيسير على نطاق واسع. وسيختلف هذا النموذج أيضًا اختلافًا هائلًا عن طريقة عمل تنظيم «القاعدة» في الماضي، إذ كان هذا الأخير يعتمد بالأساس على الامتيازات التي منحها للمنظمات المحلية المستقلة. ومهما يترتّب عن الإعلان الذي أصدره «مجلس شورى شباب الإسلام»، فإنه يسلط الضوء على إمكانية انجذاب البعض لتنظيم «داعش» في أنحاء متفرقة من العالم خارج حدود العراق وسوريا، وعلى كادر المقاتلين الأجانب المتوفّر في تلك البلدان وحولها. مما يتعيّن على الحكومات في مختلف أنحاء العالم أن تدرك أنه لا يمكن تجاهل «داعش» أو غضّ النظر عنها، وأن الجماعة غير محدودة في بقعة جغرافية معيّنة. المزيد من الصور :