لو أخفت صحيفة الوئام الإلكترونية وجه صاحب الصورة التي نشرتها في موقعها مؤخرًا لرجلٍ باسقٍ يقف بجوار أحد موظّفي الحرم المكّي الشريف، ولا يرتدي بِشْتًا، ومفتوح ياقة الثوب وزرّه الأعلى، وبلا قلمٍ نفيسٍ في جيبه، مُرخيًا شماغه إلى الوراء، يقطر من جبينه عَرَقُ العمل، لظننته مواطنًا عاديًا، أراد أن يلتقط صورةً تذكاريةً له بجوار الموظّف، ليحتفظ بها في ألبوم صوره، لكنه ليس كذلك البتّة، إذ هو الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكّة المكرّمة، ابن ملك المملكة العربية السعودية، وقد كان بإمكانه إدارة شؤون المنطقة بالكامل من مكتبه في مكّة أو جدّة، بالهاتف أو بوسائل التواصل الحكومية، لكنّه آثر وأسعد الناس بهذا المنهج في الحكم، وبنزوله للعمل الميداني مثله مثل أقلّ المسؤولين مرتبةً ودرجة، حسب زيارات مُبرمجة في النادر، ومفاجئة في الغالب، وبتواضعه الجمّ مع الجميع، ونشاطه الفذّ، ومتابعته لمشروعات المنطقة، أصغرها وأكبرها حجمًا، أقلّها وأكثرها أهمية، أرخصها وأغلاها تكلفة، وبصرامته عند الحاجة إليها، وحزمه عند الحاجة إليه، فتراه يشكر هذا إن أحسن، ويُنبّه ذاك إن أساء، ويحلّ مشكلة هذا، ويُعين ذاك، وهذا هو الأنموذج الأبهى للحاكم الإداري العادل لأيّ منطقة في العالم، لا يهمّه اسم ولا لقب، بل الأعمال والإنجازات، ويصدق فيه قول الشاعر: رَأيْناكَ لمْ تَعْدِلْ عن الحقِّ يُمنةً ولا يُسرةً..!. وتقفو مِثالَ الصالحين الأوائلِ..!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، بعثت لي ببيت شعرٍ تردّ فيه على الشاعر، وتقول لا فُضّ فُوها: فقلْتَ ولم تكذب بما بدا لنا..!. ومن ذا يكره قولَ الحقَّ عن أميرٍ عادلِ..؟. @T_algashgari [email protected]