كلّما أرى تواضعًا في أحد مرافق الصحة في مسقط رأسي -مدينة الطائف الحبيبة- أتحسّر عليها، كونها المدينة السعودية الأنسب لاحتضان سياحة طبية راقية، ليس على مستوى المملكة، بل على مستوى العالم الإسلامي، لحُسْن جوّها طيلة السنة، وقربها من مكّة المكرّمة، حيث بيت الله العتيق!. أذكر وأنا في المرحلة الدراسية المتوسطة، أن اصطحبنا معلّم الأحياء "الفلسطيني الجنسية" في رحلة ترفيهية ودراسية للشفا في ضواحي الطائف، ثمّ قلّد بعض أطباء المسلمين القدماء في اختيارهم مواقع للمشافي، أي علّق قطعة نيئة من لحم الخروف في العراء على عصا طويلة، من الصباح إلى ليل اليوم التالي، ليثبت لنا أنّ جوّ الطائف صحي ولا يساعد على تحلّل الأجساد ونموّ الجراثيم إلّا بعد حين، وأنه مناسب جدًا لاستقبال وعلاج المرضى!. لكن للأسف لم تتحقّق هذه السياحة الطبية حتى الآن في الطائف، بل على العكس، أصبح من عادات أهلها "الاضطرارية" النزول إلى مكة المكرّمة وجدة طلبًا للعلاج، بمعنى أنّ نسبة نموّ السياحة الطبية فيها ليست صفرًا مئويًا فحسْب بل أقل(بالسالب)، أي تشهد هجرة منها للعلاج، اللهم إلّا إذا اعتبرنا مستشفاها الشهير للأمراض النفسية الذي يراجعه البعض من خارجها هو مؤشر على هذه السياحة، وهو بالطبع ليس كذلك بأيّ حالٍ من الأحوال!. في المقابل، وحسب تقرير صدر في دبي مؤخرًا، تنمو السياحة الطبية في مدن مشابهة للطائف، مثل مدينة عمّان الأردنية بنسبة 25 ٪ سنويًا، وقد نجحت في التعامل مع ربع مليون مريض من بلدان أخرى، ويُطلق على السياحة فيها 2 في 1، أي رؤية أماكن سياحية جديدة، والعلاج بأسعار أرخص، كما بلغت قيمة قطاع السياحة الطبية في العالم خلال العام المنصرم، حسب المجلة الطبية الدولية للسياحة، أكثر من 55 مليار دولار، ممّا لا نصيب منها للطائف!. وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المباح، بعثت لي برسالة وطس آب تقول فيها: إنّ السياحة الطبية منعدمة في الطائف لأنها جزء لا يتجزّأ من السياحة العامة "الأم" التي تحتاج لتقوية وتطوير نوعي في كلّ مفاصل بنيتها الخدمية والتنموية، والأمل معقود في الله، ثمّ في الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكّة المكرّمة لتحويل الطائف إلى وجهة سياحية دولية على كافّة الأصعد، ليتحقّق فيها ما يُنشد عنها: جينا من الطائف.. والطائف رَخَا رَخَا!. @T_algashgari [email protected]