يختصر لنا "صندوق الطماطم" حكاية قضية سعودة أسواق الخضار التي سمعنا عن أنها ستكون أولوية أمانات المدن منذ أكثر من عقد من الزمان. وعلى غرار أغنية "حكاية شعب" للفنان الراحل عبدالحليم حافظ التي يحكي فيها قصة بناء السد العالي في مصر، نحكي قصة السعودة .. وأتخيل أن الحكاية ستكون على هذا النحو: - قلنا ح نسعود و آدى احنا سعودنا سوق الخضار يا وافدين سعودنا خلاص سوق الخضار - تاجر خضار سعودي: إخوانى ممكن أقول كلمة ؟ كورس : قول تاجر خضار سعودي: الحكاية مش حكاية السعودة حكاية التخطيط إللي ورا السعودة .. حكايتنا احنا حكاية زباين صدقوا القضية زباين راحت للسوق وهي ملهية زباين انضحك عليهم واصبحوا هفية - تسمعوا الحكاية - بس قولها من البداية *** سعودة أسواق الخضار، كما تقول صحيفة الرياض في تحقيق لها منذ سنوات: "كذبة وصدقناها". فقد أحكمت العمالة الوافدة سيطرتها على أسواق الخضار والفواكه بشكل كبير، وذلك في الوقت الذي تنادي بعض الجهات الرسمية ب"سعودة" المحلات منذ أكثر من ثماني سنوات، في إطار جهودها من أجل توفير فرص العمل للشباب في مختلف المجالات، حيث أصبحت هذه الأسواق تدار ب "أيدٍ وافدة"، مع غياب الرقابة الرسمية، وخصوصاً البلديات المسؤول الأول عن مراقبة أسواق الخضار والفواكه. [الرياض: السبت 21 ربيع الآخر 1432 ه - 26 مارس 2011م] *** وما تصفه صحيفة الحياة ب "تصرفات ماراثونية غير مدروسة يرتكبها بائعو البسطات الطيارة المخالفة في لحظات توترهم، للتعامل مع ساعة الصفر التي تحددها أمانة الرياض لمداهمة بسطاتهم وتحويلها للجمعيات الخيرية. - فمنهم من يسابق الريح هرباً تاركاً بضاعته للمصادرة، - ومنهم من يحاول تجميعها بسرعة في محاولة لإنقاذها من سيف المصادرة، - ومنهم من يقذفها بأقرب حاوية أو يخفيها بين المحال وأكوام الزبالة على أمل إعادة تجميعها بعد انتهاء هجوم عمال الأمانة. والنتيجة في النهاية تواجد عدد ليس قليلاً من الوافدين يتحكمون في سوق الخضار رغم إعلان أمانات المدن السعودية سعودة أسواق الخضار 100% منذ سنوات خلت!! *** الجانب الكوميدي في المسألة هو قصة صندوق الطماط، وصناديق الخضار الأخرى، التي ترصدها صحيفة الحياة تنتقل من مكان إلى آخر، ومن يد لأخرى، في شكل سباق ماراثوني بين رجال الأمانة وبين الباعة والعمالة الوافدة التي تتقافز بين المحال التجارية أو تقطع الشارع وتهرب بعيداً لحظة وصول الأمانة، لينتهي "صندوق الطماط" وبقية صناديق الخضار الأخرى، في حاوية النفايات حيث تُصبح الحاوية هي المكان المناسب لوضعها حتى وقت إعادة إخراجها لاحقاً وبيعها مجدداً، بعد مغادرة مراقبي الأمانة؟! *** قضية، مثلها مثل العديد من القضايا الأخرى المماثلة التي وعدت الجهات المختصة بحلها منذ سنوات .. ولم تف بوعودها .. لخصها لصحيفة الرياض محمد عبده حنبشي - بائع وصاحب محل لبيع الفواكه في سوق عتيقه - حين قال: إن السعودة لم تحقق الهدف المطلوب منها؛ نظراً لغزو الأجانب وسيطرتهم على محال البيع بمساعدة من المواطنين، إلى جانب قلة الرقابة من الجهة المسؤولة في تطبيق السعودة. وما يطالب به عدد قليل من المواطنين - ممن سنحت لهم فرصة العمل في أسواق الخضار رغم المضايقات التي يتعرضون لها يومياً من العمالة الوافدة - ب"سعودة" جميع المحلات بشكل رسمي وليس على الورق. نافذة صغيرة: [[متى تصدق الوعود .. بعض الوعود وليس كلها. فمع تواضع أداء العديد من البلديات وأمانات المدن لابد أن نُسلم بالواقع كما هو على حقيقته حتى تكون النتيجة على قدر العمل ... ف"اذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع"!!]] عبدالعزيز الصويغ [email protected]