انضمّت حفيدتي لنادي صيفي في إجازة هذا العام، أخبرتني عن مدى التعسف الكبير الذي حمل لمصطلح تحجير السلام بيننا، تتساءل حفيدتي عن معنى السلام الذي يتم تداوله في حياتنا. ما سمعته حفيدتي محزن، يثير الرثاء، ويجعل في القلب مهابة.. يفكك وطنيتنا. هذا التنطع والكراهية لمن يخالفنا الرأي من أين جاء؟ جاء على ما يبدو لي من عدة عوامل هي على التوالي كما يلي: أولاً: غياب لغة الحوار، وسماع الرأي الآخر في المنشآت التعليمية والتربوية والاجتماعية.. كذلك أراه من وجهة نظري ضربًا من التعسف المتشدد المتغلغل في مدارسنا ومجتمعنا ومساجدنا، وقد يتعلّق بجملة من المواقف والآراء التي يتخذها بعض أصحاب الأفكار المضللة والهدّامة، الذين استغلوا الدين فيما يدعون إليه لتحقيق أهدافهم، التي هي أقرب إلى الأوهام منها للحقيقة، لبث البغض والكراهية في أبنائنا، ولا يفلت المرء من تأثيرها مهما كان واعيًا لأثرها. وزرع الضغينة والبغضاء، وتحجير الخير والسلام، وإضعاف الوطنية. وما زلت أعتقد أن الإنسان يبني ذاته معرفيًّا ونقديًّا من الرأي الآخر كي يتسنى له التراكم المعرفي من خلال القراءات المتعددة والمركزة، والانفتاح على الآخرين الذي يضفيه على ذاته، كلّما أحتاج أن يشرح لنفسه أولاً وللآخرين ثانيًا. نتساءل هنا: هل هذا الوضع ينطبق فقط على ديرتنا، أم أنها تمتد وتنسحب على بلدان أخرى في العالم العربي؟! لا أحد يختلف في عالمنا العربي على حقيقة كون هذا الفكر المنحرف المتشدد متغلغلاً حد التخمة في حياتنا، على جميع المستويات. وقد يغفل البعض عن فكر المتنطعين الذي أصبح أشد فتكًا وضررًا، وهو الإرهاب الفكري. وما يزيد الطين بلة، تنصيب أنفسهم علينا دعاة في المواقع الاجتماعية وتنوّعها، إنها مسؤولية كبيرة تُحتِّم على صاحب اللسان والبنان أن يتأمّل ما يتكلّم به أو يكتبه.. إذا لم نُحجِّم هؤلاء المتنطعين الذين أعطوا لأنفسهم الحق في تغييب العقول، سنذوق بعض علقمهم. [email protected]