في مكتي كان يقيم الحاج في بيتنا في موسم الحج ولا نسأله إن كان مذهبه سنياً أو شيعياً أو أباضياً!! ما كان يعنينا هو موسم «الحج» بمعناه الجميل ولقاؤنا بشعوب العالم الإسلامي من كل جنس ولون .... خدمة الحجيج عشق مكاوي لأهلها بل واجب روحاني يفاخر به المكاوي بتأديته .. كل الذي نعيه ونعرفه أن الحاج مسلم تحمل المشقة لأداء ركن من أركان الإسلام في هذه البقعة المباركة بمكة كنا نختلط بالحجاج نأكل من أكلهم ونلبس من لبسهم ،والفستق الإيراني ..والرز الكاري أجمل هدية للمكاوي.. تعلمنا الكثير من الحجاج..تعلمنا اختلاف الحضارات.. تعلمنا التسامح...تعلمنا احترام الآخر... تعلمنا اللغات..واللهجات وزاد ثراؤنا المعرفي من لقاءاتهم قبل الأقمار الفضائية "والقوقلية" فجاءت حفيدتي تسألني عن مذهبنا..وابنتي الطبيبة تناقشني في المذهب الأباضي واختلافاته.. اجتاحتنا عقول دخيلة مستأجرة تفرق وحدتنا كزوبعة تجرف ما تعلمناه ورسخ في قلوبنا من الصغر لتقول لنا حان الوقت لأغير أرواحكم القديمة وأشعل النار في وحدتكم وأجعلكم تتوجسون خيفة من بعضكم.. قسموا الأوطان إلى مذاهب وملل وطوائف وأقاموا التقسيمات الجغرافية ولم يكتف بعضهم بصنع التفرقة بل نشر الخوف بيننا وجعله يعربد في نفوسنا وأصبحنا نتحدث بلغة ممزوجة بين الريبة والشك من بعضنا وحولوا أبناءنا مفرقعات وقنابل وجثث هامدة باسم الدين وتاجروا بعقولهم وبمعتقداتهم نشاهد حصاد أبنائنا جثثاً هنا وهناك...بأي ذنب قتل ذلك الإنسان الذي خلق لعمارة الأرض ..مبعثرة عظامه.. ونعلم علم اليقين انه إنسان لم يرتكب ذنباً بوجوده في هذا المكان لكنه في اعتبار القاتل المبعثر الفكر حان وقت موت هذا الانسان وله مبرراته المشوهة ذهنياً !! التضليل وحده الذي وضع الغشاوة على أعين أبنائنا، التضليل حجب عنهم كل الحق وعندما يموت أحد فلذات كبدنا مفجراً نفسه بقناعة من يريد أن يغمض عينيه للأبد.. أصبح أبناؤنا نكرة ينظر إليهم العالم بتوجس خيفة منهم .. ومن المثير للتأمل أن الابن يفجر نفسه باسم الشهيد في الإسلام .!! وما زلت رغم كل ذلك أطيل النظر أبحث عن الإجابة والمعنى لأسئلة افتقدت إجابتها حتى الآن !! .فهل ساهمنا حرفاً وصوتاً في إلغاء العقول المستأجرة لأبنائنا ؟!. [email protected]