وجرياً على العادة الجامعية السنوية تعلن أسماء المقبولين في كل جامعة حكومية، فيبارك لسعيد الحظ، ويعود غير المحظوظ يبحث عن فرص أخرى أقل جاذبية، فمنهم من ينتهي إلى بديل، ومنهم من يلزم البيت يندب حظه التعيس، راسماً في قلوب الوالدين حسرة، وفي نفوسهم كرباً وغمة. ولكن هل كل مقبول محظوظ ؟ هل من دراسة تتتبع أحوال هؤلاء بعد عام! وبعد عامين! وبعد 3 أعوام وحتى التخرج؟ كم نسبة الذين ينسحبون بعد انتهاء عامهم الأول؟ وما أسباب انسحابهم؟ وما هي البدائل المتاحة لهم؟ ما نسبة الذين يلتحقون بالتخصصات التي يرغبونها؟ وما نسبة الذين يلتحقون بالتخصصات التي تناسبهم؟ كلها أسئلة مهمة لا أحسبها غائبة عن صاحب القرار، لكن إجاباتها بالنسبة له تظل غير ملزمة، فهو غالباً لا يملك ترف تقديم البدائل المناسبة إذ لا تزال سياسة قبول أكبر عدد ممكن هي السائدة بغض النظر عن العواقب، كون الجامعة هي الخيار الأول والبديل الأوحد لاستيعاب خريجي الثانوية العامة للأعوام الأربعة أو الخمسة القادمة، ثم يخلق الله ما لا نعلم، ويكتب ما لا نعلم. ومن واقع خبرتي وتجربتي، فإني أتوقع أن لا تزيد نسبة الرضا عن التخصص العلمي الذي يستقر فيه الطالب عن 30% في الكليات العلمية، ولا أحسبها تختلف كثيراً في الكليات النظرية مع كل التحفظ المثار حول جدوى استمرارية تقديم بعض التخصصات النظرية التي باتت مكلفة من كل الجوانب. وأحسب أن هذا الذي يجري بعد انتهاء العام الأول هو الذي يؤثر على المخرج في نهاية المطاف. هذا الاشتباك النفسي والذهني بين الرضا بتخصص غير مقنع والبحث عن بديل خارج أسوار الجامعة هو الذي يقرر المستقبل العلمي والوظيفي للطالب أو الطالبة. ولنلاحظ أن عدم الرضا بالتخصص مع الاستمرار فيه سيؤدي غالباً إلى أداء ضعيف وغياب متكرر وملل شديد وإحباط كبير. وفي النهاية منتج متواضع لا يروق لسوق العمل ليكون مصيره «حافز» أو «ساند». إنها سلسلة من التداعيات التي يشد بعضها بعضاً لتؤثر سلباً في حياة طيف عريض ممن حسبناهم محظوظين لأنهم من المقبولين. [email protected]