وقف مدفع رمضان على قمة جبل المدافع بالعاصمة المقدسة، مستعدا لأداء رسالته خلال شهر رمضان المبارك، في مشهد آثار الحنين إلى الماضي بعد أن فقد جيرانه وساد الصمت الجبل المهجور بعد أن ودع سكان جبل المدافع جبلهم ورحلوا منه بفعل الإزالات التي شهدها الجبل. صعدت «المدينة» إلى قمة جبل المدافع بمكةالمكرمة حيث يقبع مدفع رمضان متربعا على قمة الجبل على مساحة صغيرة لا تتجاوز ال 10×10م مطلا على حي جرول، ومعتليا جميع الأحياء الأخر ليصل دوي صوته الى مسافات بعيدة واحياء متفاوته. فقد ارتبط المدفع بهذا الشهر الكريم ارتباطا وثيقا واصبح صديقا الصائمين من أهل مكةالمكرمة واصبح لا يذكر شهر رمضان المبارك إلا ويذكر مدفع الإفطار. ويستعرض كبار السن ذكرياتهم في رمضان وكيف كان المدفع يبلغهم بدخول الشهر ويدخل الفرحة الى قلوبهم عند الاطلاق وهم حول مائدة الافطار مخبرا إياهم أنه حان موعد الإفطار وإعلامهم أيضا بهلال شهر شوال والإعلان عن عيد الفطر المبارك .. فكلما تحدث شيخ من كبار السن سقطت عبرة من عينه مستعيدا مرحلة من عمره عندما كان هذا المدفع هو الوسيلة الوحيدة لإبلاغهم وكان الأطفال يخرجون من البيوت قبيل الإفطار بدقائق ليستمتعوا برؤية المدفع وهو يطلق طلاقات الإفطار وصيحاتهم تعلو مع كل طلقة. لكن مدفع رمضان أصبح وحيدا على جبل المدافع فاقدا أصوات الأطفال من حوله وهم يقفزون مع كل طلقة فرحين بصوته لأنه ارتبط بموعد الإفطار وسفرة الإفطار التي يرقبون المدفع ليأذن لهم بمد أيديهم إليها فقد رحل سكان الجبل، وذهبوا الى المخططات بعد أن شهد الجبل ازالات للمشاريع التي يجري تنفيذها فأصبح المدفع وحيدا على قمة الجبل. في قمة الجبل وبجوار المدفع التقينا رئيس الفرقة القائمة على تشغيله الرقيب مستور النهاري، الذي رحب بنا في المقر الذي يجلسون فيه بالقرب من المدفع وتحدث عن مدفع رمضان، وقال إن المدفع يتم تركيبه على قمة الجبل يوم الثامن والعشرين من شهر شعبان من كل عام وفي هذا العام تم اجراء صيانة شاملة للمدفع حيث تم تجديد البوية وتغيير الإبر الخاصة بالطلقات وعاد وكأنه جديد كما تشاهدونه .. ومضى يقول اصبح المدفع هنا على قمة الجبل وحيدا وقد اعتدنا في كل سنة عند اطلاقه إيذانا بدخول الشهر بالاطفال يتجمعون حولنا وصيحاتهم تعلو مع كل صيحة يقفزون هنا وهناك مستمتعين بطلقات المدفع. وقال النهاري يتم اطلاق 7 طلقات عند دخول الشهر الكريم ومن ثم أربع طلقات كل يوم حيث يطلق في المغرب طلقة واحدة إيذانا بالافطار ويطلق في الساعة الثانية صباحا طلقة واحدة لكي تستيقظ الأسر وتبدأ التجهيز لوجبة السحور وقبل آذان الفجر يتم اطلاق طلقتين استعدادا للإمساك تسمى طلقات «الكفاف» وفي ليلة العيد عند الاعلان عن العيد يتم اطلاق سبع طلقات وفي صباح العيد يطلق خمس طلقات ثم تطلق الطلقات البقية عقب اداء صلاة العيد ابتهاجا بيوم العيد وبذلك يصبح عدد الطلقات التي اطلقها المدفع خلال شهر رمضان المباكر (150) طلقة، مشيرا الى ان الطلقات عبارة عن بارود فقط يحدث صوتا عاليا يسمعه الناس من على بعد بضعة كيلو مترات مشيرا الى ان عبوة الطلقة الواحدة نحو كيلو من البارود. وأضاف إنه بنهاية يوم العيد يعاد المدفع إلى مقره بإدارة المهمات والواجبات الخاصة بشرطة العاصمة المقدسة ولا يعود للجبل إلا قبيل بداية شهر رمضان بيوم أو يومين من كل عام.. ومضى يقول أمضيت في العمل على مدفع رمضان اكثر من 16 عاما وقد كان هناك ثلاثة مدافع قبل أكثر من 20 عاما في هذا الموقع تطلق في لحظة واحدة وكل مدفع موجهة لجهة من الجهات حتى يصل صوته لكل السكان في مكةالمكرمة، اضافة الى مدفع اخر كان في جبل شمسان وآخر في الجموم ورابع في النوارية لكن فيما بعد اقتصر الامر على هذا المدفع الذي مازال صدى صوته في الاذهان مرتبطا بشهر رمضان المبارك حاملا عبق المكان والزمان. وقال إننا نشعر بسعادة ونحن نطلق طلقات المدفع والناس يتناولون طعام الإفطار على سماع الأذان وصوت المدفع ولا نفطر إلا بعد أن يفطر الناس إذ بعد اطلاق المدفع نعود الى مقرنا لتناول طعام الافطار. الجدير ذكره ان مدفع رمضان خصص له عدد من رجال الأمن للعناية به وتجهيزه وتهيئته وصيانته وتنظيفه منذ وقت مبكر وطيلة الشهر الكريم وإطلاق الذخيرة الصوتية عند الإفطار وقبل السحور وعند الإمساك قبل صلاة الفجر. ويعتبر مدفع رمضان في مكةالمكرمة آلة يتم نقلها بواسطة مركبة من مقر إدارة المهمات والواجبات إلى مكانه الذي خصص له بجبل المدافع المتميز بارتفاعه وقربه من المسجد الحرام. المزيد من الصور :