أصبح من الطبيعي أن تقترن الرياضة بالسياسة، وأن يكون للفوز والخسارة تأثير مباشر بالسلب لدى بعض الجماهير، يؤججها التباين السياسي بين بلدي الطرفين المتقابلين، ولعل الحرب التي قامت في عام 1970 بين "الهندوراس والسلفادور" عقب فوز السلفادور على الهندوراس في المباراة الفاصلة بينهما المؤهلة لبطولة كأس العالم والتي أقيمت قي المكسيك، لم تغب عن أذهاننا، وهي حرب لم تدم أكثر من خمسة أيام، لكنها انتهت بمقتل 4 آلاف قتيل. بعض الشعوب لا ترضى بالهزيمة، ولا تنظر عما إذا كان منتخبها مؤهلا للفوز أم العكس، فتلجأ إلى أعمال الشغب، ويأخذها الحماس إلى درجة القتال، ولعلكم تذكرون جيدًا المدافع الكولومبي "أندريس لاسكوبار" الذي دفع حياته ثمنا لخطأ ارتكبه في مباراة منتخبه مع الولاياتالمتحدة عام 1994 عندما سجل هدفا في مرماه، حيث عاقبه أحد المشجعين المهووسين بالقتل عقب عودته إلى بلاده. وهذا -أعني العنف وليس القتل- يحدث أيضًا حتى بين جماهير المنتخبات التي تتمتع بلدانها بعلاقات طيبة وممتازة، إذ يتطلع أولئك إلى أن يظل علم بلادهم مرفوعًا تحمله ساريات الملاعب حتى آخر يوم من البطولة، لكن.. لا أمان للكرة، ولا كبير لها، والشاهد في ذلك السقوط المريع الذي شاهدناه للمنتخب الأسباني الذي ظل طوال الأربعة أعوام الماضية المصنف الأول بين منتخبات العالم. سقوط المنتخب الأسباني، والذي تبعه سقوط البرتغال، عزز بعض الشيء من معنوياتنا نحن الذين لم نوفق في بلوغ هذه البطولة -على اعتبار أن عدم التوفيق ليس قاصرًا علينا بل يلازم حتى الكبار- ونتحسر على أمجاد كنا قد وصلنا لها، رفع فيها علم بلادنا في ثلاث مناسبات، وتباهينا رغم أننا لم نبلغ خلالها الأدوار التي نتطلع لها، لكنها كانت قفزة رياضية أسعدتنا، زرعنا فيها اسم بلادنا في ذاكرة الملايين من المتابعين لتلك البطولات، ورفرف علمنا فوق تلك الساريات خفاقا. الأوطان عزيزة على قلوب شعوبها، لا ترى، لكنها تظهر في المناسبات، أيا كانت هذه المناسبات، والرياضة واحدة من تلك، ولذلك تساوى حب ذلك المشجع الأرجنتيني الذي أتى على ظهر دراجة هوائية من الأرجنتين إلى البرازيل لمساندة منتخب بلاده، تساوى مع حب المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" التي تحرص دوما على أن تكون في طليعة الداعمين لمنتخب بلادها. وليس هناك من حب يوازي حب الرئيس البرازيلي الذي تدخل عندما تم طرد اللاعب الشهير "جارنشيا" في مونديال كأس العالم عام 1862 في تشيلي، وطلب من اللجنة المنظمة العفو عنه، ومن حسن حظه أن استجابت له. [email protected]