قرأت في بحث علمي محكم عن تأثير الإعلام الغربي على النساء العاملات في أبو ظبي، وقد شدتني نتائج البحث وبدأت أفكر هل المجتمع السعودي يماثل المجتمع الإماراتي أم نحن لنا خصوصيتنا ولدينا حصانة فكرية ونعرف ما ينفعنا وما يضرنا؟!. تناول البحث العولمة وعلاقتها بوسائل الإعلام العالمية وكيف أثرت العولمة على الإعلام والعكس صحيح، ودور كل منها في بناء الآخر وتمدده، ومما لاشك فيه أن العولمة لم تكن لتنجح دون استخدام وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة، والإعلام الغربي استفاد بشكل واضح من العولمة في ضخ برامجه وأفكاره بصيغة عولمية تناسبت مع رغبات غالبية الشعوب للتحضر ومعانقة المدنية كيفما كانت وبأي أثر سيحدث. البحث اختار الإعلامية الناجحة عالمياً أوبرا وينفري ليطرح تساؤلا مهماً عن مدى قدرة أوبرا وينفري من تغيير القيم الاجتماعية والتقاليد الثقافية للنساء العاملات في أبوظبي، وكان الاختيار لأوبرا بسبب انتشار برنامجها عالمياً ووصوله لجميع أرجاء الوطن العربي ومجال الدراسة أبوظبي، ولكون البرنامج قُدم على مدار خمسة وعشرون عاما ولشهرة أوبرا وينفري. بطبيعة الحال افترض البحث أن النساء العاملات في أبوظبي يتأثرن بأوبرا وينفري ويبتعدن عن معتقداتهن والتقاليد والقيم الاجتماعية بشكل عام، وعلى ذلك جرى عمل البحث بمنهج الوصف المسحي الذي يجمع بين الأسلوب الكمي والنوعي. فكانت بعض النتائج غير متوقعة وصادمة في بعض جزئياتها، فمن النساء العاملات في أبوظبي باختلاف أعمارهن ووظائفهن كانت نسبة 80% يشاهدن برنامج أوبرا، و0% بين المشاركات لم يشاهدن البرنامج بتاتا، و 70 %من المشاركات يعتقدن أن برنامج أوبرا ساهم في تغيير حياتهن وقيمهن الاجتماعية وكذلك العادات والتقاليد. من خلال الإجابات توصل البحث أن النساء العاملات يفضلن البرامج الحوارية الغربية، بسبب أن البرامج المحلية والعربية لا تفي بالمطلوب فهي لا تعكس الاهتمامات والقضايا التي تواجهن. أيضاً كنتيجة هامة للبحث أن النساء العاملات في أبوظبي يعرن برنامج أوبرا اهتماما أكثر من غيره لأنها تدعوهن إلى اتخاذ قراراتهن المصيرية بأنفسهن. الدراسة أكدت على أن من هم في سن الشباب أكثر عرضة للتأثر بوسائل الإعلام الغربية ولديهم الرغبة في تقبل التغيرات التي تتبناها مثل هذه البرامج الغربية، وفي ختام الدراسة أكد البحث بأن التهديد قائم وقادم وينبغي القيام بعمل ما لمنع هذا التدفق الغربي إلى المجتمع الإماراتي. والسؤال هل المجتمع الإماراتي أو السعودي وحتى العربي يحتاج لأوبرا وينفري لتغيير العادات والتقاليد والقيم العربية والإسلامية؟! أم نحن في حاجة لتدعيم عاداتنا العربية وقيمنا الأصيلة وأخلاقنا الرفيعة وهويتنا الإسلامية. وهل نحن بحاجة لتقمص الفكر الغربي بمتابعة أوبرا وينفري أم نحن بحاجة لمحاكاة التقدم العلمي والعملي الغربي. لماذا لا يُقدم إعلامنا العربي بجرأة على محاكاة البرامج الحوارية الغربية في مهنيتها و طريقة عرضها وعمق الأسئلة المطروحة والتطرق للاهتمامات المحلية والقضايا الملحة، بدلا من التركيز على برامج حوارية مكررة لا تجد في بعضها إلا الفئوية وسوء الخلق والسباب والتراشق بالتهم دون بينة. نكزة: اعترف بأن المبشرة أوبرا وينفري غيرت نساءنا ولم يغيرهن المسلم داود .. وطرحت قضايا مهمة بمهنية عالية، وحاورت جميع الاتجاهات بدون تحيز، وقدمت الرأي والرأي الأخر بدون مشاكل وبكل أدب .. وهذا بعض ما تفتقده برامجنا الحوارية. والله أعلم سلطان علي الشهري- الرياض