أواصل عرض تعليقات الدبلوماسي الأمريكي مارتن انديك حول المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية الأخيرة المنتهية الى لا اتفاق، وقد احتوت آراؤه نصف الحقيقة، على المرء ألاّ يطمع في حقيقة كاملة من مصدر واحد. بعد أن نسفت خطط إسرائيل لبناء مستوطنات جديدة فوق الأرض التي يجرى التفاوض على مصيرها عملية التفاوض، حاولت الولاياتالمتحدة بذل جهد أخير لإنقاذ المفاوضات، فكان رأى الطرف الفلسطيني أنه لكي يكون لاستمرارها معنى يريد معرفة جواب إسرائيل على ثلاثة أسئلة: - هل هي مستعدة لتجميد بناء المستوطنات 3 شهور فقط لا غير، يجرى خلالها رسم الحدود بين الدولتين، بعدها تكون حرة في بناء ما تشاء على الجانب الذي يخصها من الحدود؟ - هل هي مستعدة لتثبيت موعد محدد لانسحاب قواتها التي تراقب الأوضاع الأمنية في الأراضي الفلسطينية إذا تم التوصل لاتفاق؟ - هل تقبل بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية الجديدة؟ وجاءت إجابات إسرائيل على الأسئلة الثلاثة بلا. يلمح انديك الى أن الاتفاق الذي لا يعد أطرافه بجوائز مغرية لن ينجز، ونستطيع تخيل ما قد يحققه للفلسطينيين، فما الذي يمكن أن يغري إسرائيل به؟، إنه التطبيع مع محيطها الإقليمي، والتناغم مع معايير المجتمع الدولي، فالأخير لا يقر الاحتلال، ويعرف للفلسطينيين حقوقًا، ولولا الغطاء الذي توفره لها الولاياتالمتحدة في مواجهة المجتمع الدولي لكان موقفها أمامه أحرج. تلك جوائز تستحق من إسرائيل إبداء المرونة، فموقفها على الجبهتين الإقليمية والدولية غير قابل للاحتفاظ به طويلاً دون خسائر، حوالى نصف الرأي العام الإسرائيلي يرون أن الجائزة تستحق، المشكلة أن من لا يرون ذلك هناك قادرون على فرض موقفهم.. إلى جانب هذا أثار انديك ملحوظة وجيهة، لو أرادت إسرائيل حقًا دولة يهودية فإن أقصر طريق لتدمير هذا الهدف التوسع في بناء المستوطنات إلى أن تتلاحم مع التجمعات السكانية الفلسطينية الكثيفة في الضفة الغربية، لأن هذا سيفرض منطقيًّا وعمليًّا دولة واحدة بقوميتين، وهو ما تتجنبه إسرائيل بأي ثمن. جواب إسرائيل على السؤالين الأول والثاني دال على رفض صريح للمصالحة، وإنها تفضل عليها إدامة الاحتلال بغية ابتلاع الضفة بالمستوطنات، ويستطيع الفلسطينيون إفشال هذه النوايا بالتشبث بالأرض وعدم الرحيل عنها تحت أي ضغوط، اسرائيل من جانبها ستفعل ما بوسعها لجعل بقائهم عليها مرًا. الصمود يتطلب تضحيات إلاّ إنه السبيل المتاح لإجهاض أهداف المتطرفين في إسرائيل، وحتى لا تتكرر في الضفة مأساة عام 1948م.