أكد مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى ما نشرته صحيفة «هآرتس» العبرية أمس على لسان موظف كبير في الإدارة الأميركية بأن الإعلان عن استئناف المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية «سيصدر في غضون أيام». ورجح المصدر صدور الإعلان بعد البيان المتوقع أن تصدره الرباعية الدولية اليوم في ما يبدو، فيما أشار المسؤول الأميركي في حديثه ل «هآرتس» الى ان ثمة تفاصيل تبقّت لتلخيصها مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) قبل الإعلان عن استئناف المفاوضات. وكررت إسرائيل أمس، من خلال تسريبات من أوساط قريبة من نتانياهو لوسائل الإعلام العبرية، رفضها إخضاع استئناف المفاوضات المباشرة ل «شروط مسبقة» يطالب بها الفلسطينيون مثل اعتماد بيان الرباعية الدولية المتوقع صدوره اليوم مرجعية للمفاوضات، على أن يتضمن الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية «على أساس إنهاء الاحتلال (الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية) الذي بدأ عام 1967، وتحديد فترة عامين لإقامة الدولة، ودعوة إسرائيل إلى وقف تام للبناء في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدسالشرقية. وأفادت «هآرتس» بأن إسرائيل تحاول إبداء تشدد في كل ما يتعلق باستئناف المفاوضات، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «إسرائيل ليست مستعدة لإدخال شروط مسبقة عبر الباب الخلفي مثل اعتماد بيان الرباعية أساساً للمفاوضات». وأضاف أن المعلومات المتوافرة لدى إسرائيل تفيد بأن المفاوضات قد تنطلق في غضون يومين «لكن هناك احتمال بأن تبدأ بعد أسبوعين ... لا شيء واضح تماماً ... الأمر متعلق بعباس، وعليه أن يفقه أن لا طريق آخر أمامه سوى التفاوض من دون شروط مسبقة». وأشارت الصحيفة إلى أن نهاية الأسبوع الماضي شهدت اتصالات مكثفة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل من جهة، وبين الولاياتالمتحدة وعواصم عربية من جهة أخرى، بهدف بلورة الشروط لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وتابعت أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون طلبت من نتانياهو في اتصال أجرته معه الخميس الماضي إبداء مرونة أخرى تتيح استئناف المفاوضات، كما أجرت اتصالات مماثلة مع كل من مصر والأردن. وأردفت الصحيفة أن كلينتون تمنت، كما يبدو، على نتانياهو موافقته على بيان الرباعية، «لكن الأخير رفض قطعاً ذلك بداعي أن ذلك يشكل شرطاً مسبقاً وإسرائيل ترفض الشروط المسبقة». وسبق لنتانياهو أن أبلغ موقفه هذا للموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل الأسبوع الماضي لينقله إلى رئيس السلطة الفلسطينية. وتوقعت الصحيفة أن تكون كلينتون ناقشت مع نتانياهو صيغة حل وسط يمكن للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني التعايش معها، مثل ألا تعقب إسرائيل على بيان الرباعية المتوقع صدوره، وفي المقابل يتاح للفلسطينيين التصريح بأنّ البيان يشكل أساساً للمفاوضات المباشرة. واستبعد مصدر سياسي إسرائيلي أن تنظم حفلة الإعلان عن استئناف المفاوضات، في حال الاتفاق على ذلك، في البيت الأبيض برعاية الرئيس باراك اوباما، متوقعاً أن يتم ذلك في القاهرة برعاية الرئيس حسني مبارك وبحضور كلينتون. إلى ذلك، تابعت الصحيفة أن الرئيس الروماني تريان بسسكو نقل إلى عباس رسالة من الرئيس شمعون بيريز الذي زار رومانيا الخميس الماضي، تقول إن إسرائيل تعتبر «الشروط المسبقة» لإطلاق المفاوضات «غير منطقية». كما طلب بيريز من نظيره الروماني أن يؤكد لعباس أن «رئيس الحكومة الإسرائيلية جدي ومستعد لقطع شوط طويل مع الفلسطينيين للتوصل إلى تسوية». وأضافت الصحيفة أن رئيس الوزراء اليوناني جورج بابندريو نقل أيضاً لعباس رسالة مماثلة من نتانياهو الذي يصل اليوم إلى أثينا في زيارة عمل ليومين، تؤكد «وجوب الانتقال إلى مسار التفاوض المباشر». من جهتها، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على موقعها على الانترنت أن أوساطاً إسرائيلية رفيعة المستوى تعتقد أن عباس «يعدّ كميناً» لرئيس الحكومة الإسرائيلية من خلال محاولة «كسب الوقت» والمماطلة في حسم موقفه من المفاوضات المباشرة إلى أواخر الشهر المقبل، موعد انتهاء فترة تعليق البناء في مستوطنات الضفة الغربية الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية قبل تسعة اشهر، «ليعلن مع استئناف البناء رفضه التفاوض». وكان نتانياهو أعلن أخيراً أن فترة تعليق البناء في مستوطنات الضفة ستنتهي في موعدها، فيما أضافت أوساطه أنه ليس معنياً بمنح الفلسطينيين «لفتات طيبة أخرى» بعد ان لم يستغلوا فترة تعليق البناء لاستئناف المفاوضات. ويؤيد نتانياهو في موقفه هذا أربعة وزراء آخرون من «المنتدى الوزاري السباعي» هم وزراء الخارجية أفيغدور ليبرمان والداخلية ايلي يشاي والشؤون الاستراتيجية موشي يعالون ووزير الدولة بيني بيغين، بينما يؤيد وزير الدفاع ايهود باراك مواصلة التجميد لثلاثة أشهر أخرى. ويدعو العضو السابع دان مريدور إلى حصر استئناف البناء في «المستوطنات الكبرى» التي تطالب إسرائيل بضمها إليها في إطار التسوية الدائمة، وليس في المستوطنات النائية أي تلك في قلب الضفة. ميتشل و«عصابة السبعة» على صلة، نقلت «يديعوت أحرونوت» عن ميتشل قوله في أحاديث مغلقة إن «العقبة الرئيس» في طريق استئناف المفاوضات تتمثل ب «المنتدى الوزاري السباعي» الذي يحول دون نجاح الجهود الأميركية للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل في شأن مواصلة تعليق البناء في المستوطنات، أو عدم القيام بما يمكن ان يعتبره الفلسطينيون استفزازاً. وأضافت الصحيفة أن ميتشل بات ينعت «المنتدى الوزاري» ب «عصابة السبعة». إلى ذلك، ذكرت الصحيفة أن وزير الدفاع ايهود باراك يطالب نتانياهو بتشكيل طاقم مهني لإدارة المفاوضات مع الفلسطينيين وعدم إبقائها بيد مستشار رئيس الحكومة المحامي يتسحاق مولخو. وأضافت أن باراك أخذ أخيراً يهدد بأنه في حال لم يطرأ تقدم على المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حتى مطلع العام المقبل، فإنه وحزبه «العمل» لن يبقيا في الائتلاف الحكومي. لكن هذا التهديد لا يؤرق إلى الآن نتانياهو لعدم قناعته بجدية التهديد حيال الانقسام الحاصل في حزب «العمل»، ولحقيقة أن انسحاب «العمل» لن يفرط عقد الائتلاف القائم على غالبية برلمانية متينة من أحزاب اليمين والمتدينين المتشددين.