سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. محمد بن سعد بن حسين.. قاهر الظلام اشتهر محمد بن حسين ببرنامجه الإذاعي «من المكتبة السعودية» الذي كان يذاع أسبوعيا في إذاعة الرياض، وقد استمر عدة سنوات، إضافة إلى برنامج آخر أعده لإذاعة القرآن الكريم بعنوان: «من المكتبة التراثية»
اخترمت المنون يوم السبت 19/6/1435ه، 19/4/2014م الدكتور محمد بن سعد بن حسين أستاذ الأدب والنقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي تخرجت على يديه أجيال حيث بلغ عدد الرسائل العلمية التي أشرف عليها أكثر من (70) رسالة ماجستير ودكتوراه عدا الرسائل التي ناقشها والمحاضرات التي ألقاها، والطلاب الذين درسهم في قاعات الجامعة والمقالات التي نشرها والبرامج الإذاعية التي أعدها. لقب (قاهر الظلام) أطلق على الدكتور طه حسين الذي قهر كل الصعاب حتى وُصف بعميد الأدب العربي، وهذا الوصف ينطبق على الدكتور ابن حسين الذي لم يعقه كف بصره عن مواجهة صعاب الحياة حتى صار أستاذاً للأدب والنقد، وممن يشار إليهم في الدراسات الأدبية، وقد ترك (34) مؤلفاً و(5) كتب تحقيق، وقدم لعشرة كتب، وكتب عدداً من المقالات وقد ألف عنها د. عبدالله الحيدري كتابه "محمد بن سعد بن حسين: بيبليوجرافيا". لم تواجه ابن حسين صعوبات التعلم وحدها، بل واجهته معارضة في مجتمع ينظر إلى مكفوف البصر أنه غير قادر على شقّ طريقه في الحياة، إضافة إلى معارضة أفكاره المستنيرة، فقد دعا إلى تعليم المكفوفين طريقة "برايل" للقراءة والكتابة وجُوبِه بمعارضة فتح مدرسة، ولكنه تغلّب عليها، وعندما تعلم الكتابة على الآلة الكاتبة اتهم بأن الجن تكتب نيابة عنه، وعندما طالب بفتح مدرسة ليتعلم المكفوفون الطباعة على الآلة الكاتبة عورض أيضاً، ولكنه انتصر. في عَوْدَة سدير ولد عام 1352ه وتلقى فيها العلوم الأولية ثم انتقل إلى الرياض، ومن هناك انطلقت مسيرة تعليمه، وصار طالباً بارزاً بين زملائه، وجلس في المسجد الحرام في حلقات علمائه ثم التحق بدار التوحيد في الطائف عامين، عاد بعدها للرياض ليدرس في المعهد العلمي وتخرج فيه عام 1387ه ليدرس في كلية اللغة العربية ثم حصل على الماجستير والدكتوراه من الأزهر. اشتهر محمد بن حسين ببرنامجه الإذاعي "من المكتبة السعودية" الذي كان يذاع أسبوعياً في إذاعة الرياض، وفي كل حلقة يعرِّف بكتاب سعودي، وينقده، وقد أذيعت منه عشرات الحلقات، واستمر عدة سنوات، إضافة إلى برنامج آخر أعده لإذاعة القرآن الكريم بعنوان: "من المكتبة التراثية". كانت له ندوة ثقافية في منزله باسم "ندوة النخيل" منسوبة للحي الذي يسكنه في الرياض، وكانت ملتقى للمثقفين، وله عناية بالتراث الشعبي الموروث، وقد أنشأ متحفاً للتراث في منزل أسرته في القرية الشعبية في عودة سدير، وقد زرته مع عدد من الزملاء يوم السبت 12/6/1435ه وكان حافلاً بألوان من الموروثات الشعبية. كان يتسم إلى جانب علمه الغزير بشخصية وقورة، تحسن الكلام وقت الكلام، والصمت وقت الصمت، وكان متصفاً بالرزانة، قلّما يظهر غضباً أو انفعالاً حتى عند الاستثارة في المناقشات العلمية، وكان يعنى عناية كبيرة بجمال مظهره، فيه خلق العلماء، ودماثة الأدباء، وصبر المكافحين، ونور المبددين لظلمات الجهل والتحجّر، فكانت حياته مسيرة عطاء في الأدب والنقد والدراسات والشعر، وترك إرثاً سيبقى نبع عطاء للدارسين للأدب والنقد، وبخاصة في الأدب السعودي، فلئن غاب جسماً فسيبقى في ذاكرة الثقافة والأدب محمولاً على رفوف المكتبات وذاكرة المثقفين، إنه قاهر الظلام بالكفاح والعلم وحسبه ذاك. [email protected]