لا أعرف غذاءً أضرّ بنا - نحن معشر السعوديين- أكثر من الرّز، رغم فوائده الجمّة التي أودعها الله فيه!. إنّنا من أكثر الشعوب أكْلًا للرّز، ويوجد منّا من يأكلونه في الغذاء والعشاء، ولا مانع لديهم من أكله في الفطور أيضًا، وقد صدق فيهم قولُ الشاعر: آكُل الرزّ أعشقه شديدا.. وعشقي له لا ولن يحيدا.. إذا فرغ الإناء فلا تلمني.. وإن أمكن فأعطني مزيدا.. ولا يُشاركنا في أكل الرّز بكثرة سوى شعوب شرق آسيا، اليابان وإندونيسيا وأخواتها، لكنهم يأكلونه بطريقة صحيّة، أي مسلوقًا أو مطبوخًا على البُخار، أمّا نحن فنأكله بطريقة معاكسة للصحة وأمّها وأبيها، أي مُسمّنًا أو مُزبّدًا أو مُزيّتًا أو مُكشّنًا، أو بها جميعًا، فيَنْسِلُ للمعدة من كلّ حدب، مُفسدًا إياها، مثل يأجوج ومأجوج الذين يُفسدون في الأرض آخر الزمان، وتشقى المعدة المسكينة لتهضمه، ويختزنه الكبد كسُكّر لتبدأ المضاربة مع البنكرياس، الأول يفرز السُكّر في الدم ليتخلّص منه مثلما تفرز سفن الجيوش الغازية جنودها في شواطئ الدول التي تغزوها، والثاني يفرز الأنسولين ليقضي عليه، فيتعبا ويمرضا معًا، وقد يفشلا مع شقيقتهما الكِلْية، ولا منتصر بينهم، وأجسامنا هي الخاسر الوحيد!. هذا.. صحيًا، أمّا اقتصاديًا فنحن وكما قالت جريدة (المدينة) في عددها الأسبوعي الماضي، نهدر من الرّز ما قيمته 1,6 مليار ريال سنويًا، ممّا مصيره لا مؤاخذة حاويات النفايات، وهذا إسراف خطير أخشى عواقبه علينا، فالله لا يحبّ المسرفين، وهناك قُرى حول العالم قد اُبْتِلَيت بسبب الإسراف، فضلًا عن ضخامة المبلغ المُهدر، والذي يكفي لحلّ كثير من مُشكلاتنا فيما لو تمّ صرفه بالشكل المناسب، وفي المكان المناسب!. وأخيرًا: للرزّ حُكاكة في أسفل إنائه، وحُكاكته التي أختم بها مقالي هي أنّ الكبسة، والكابلي، والبخاري، والزربيان، والسليق، والكوزي، والمندي، طبخات شهية للرّز، لكن هلّا جعلناها ثانيةً في اهتماماتنا؟ بعد طاعة الله - بعدم الإسراف - وبعد الصحة والاقتصاد التي يُفترض أن تكون اهتماماتنا الأولى!. @T_algashgari [email protected]