أتربة عالقة تؤدي إلى تدني الرؤية الأفقية وانعدامها!!. لست هنا بصدد التحدث عن المناخ والطقس.. ولا الأتربة الفعلية العالقة في الجو والأرض، التي تطالعنا بها النشرات الجوية بين لحظة وأخرى. إنما.. هي تلك الذرات التي مرت فوق سماء حياتنا وسمحنا لها ضعفًا وقلة حيلة منّا أن تعكر تفاصيل أجوائنا الأفقية والعامودية فانعدمت عندنا الرؤية وتعثّرت خُطانا، وتُهْنَا وتَاه مِنَّا طريق الأمان النفسي. حين تفرغ الأيام حمولتها فوق أكتافنا وتستنزف وطأتها كل ما فينا.. تصبح أرواحنا مُعلَّقة بين القسمة والطرح وفي أحيانٍ كثيرة.. الضرب والضرب ثم الضرب استعبادًا واستكبارًا وتجبرًا على وتر الحاجة والانكسار!!. القسوة التي يمارسها بعضنا نحو بعضنا الآخر.. هي الأتربة السوداء العالقة فوق جدران الصمت، وهي تلك التي أجاز لها الخوف الساكن فينا أن تخنق مسام جلودنا وتعزل عنّا الهواء، فلا نملك أمام شراسة طغيانها جهدًا لإنفاذ الهواء من أفواهنا. يومًا إثر يوم تستمرئ العوالق الترابية جَلد ذواتنا.. تمتد.. تتطاول.. ونحن بدورنا نسمح لها كرهًا لا طوعًا أن تعبث بنا، تستدرجنا إلى الانسياق خلف أهوائها وتقلباتها.. فتسلب منّا نحن، ونحن منّا. كم من أتربة عالقة هبّت علينا؟ وكم من أتربة عالقة لم تُمحي آثارها الأيام؟، وكم من مغلوب على أمره أنهكته وهُدَّت قواه وتقوقع خلف أسوار العزلة، ولم يقو حتى على النفاذ من النقطة إلى النقطة المجاورة لها في المربع الأوحد الذي قُذِفَ به داخله؟ حتى نفذ التراب إلى حنجرته وتجرعه غصبًا. مرصد.. الأتربة العالقة قد يكون مصدرها أنت أو أنا أو أنتم كلٌ ونهجه، والأثر منوط بما قدمت، فلا تستعجب من ردات الفعل القوية التي يقابلك بها من طالته ذراتك السوداء.. فقط انتظر.. فيومًا ما سينتفض المظلوم.. عندها لن يكون عصيًا عليه أن ينفضك وعوالقك بأي وسيلة كانت. [email protected]