ثلاث واجهات هي أجمل ما فيك ياجدة.. ذابت وضاعت بين ظواهر مثيرة للجدل ولافتة للانظار، وتستدعي منا التوقف أمامها زمنًا طويلاً لحلها.. - البحر.. هو المكان الذي اعتدنا أن نركن إليه لنقف أمامه لترقب أبصارنا موجاته التي تنطوي موجة إثر موجة فتأخذ مخيلتنا إلى البعيد البعيد، فلا سماء تظل تأملاتها، ولا أرض تحدها، ونجلس على شواطئه لنرسم فوق رمالها أجمل أحلامنا. ضعت يا بحر جدة، وأصبح لقاؤنا معك محصورًا فيما بين الأرصفة والأرصفة.. المنشآت المزروعة فوق رمالك، والتي يصعب اقتلاعها، والأسوار التي لن تكتمل مشاريعها! يريدون تغييبه قسرًا! هذا هو حال بحر جدة اليوم، العتمة تلفه ليلاً.. وكأن صفحة سوداء تغلف سطحه. فالمسؤولون عن إنارة كورنيشه المتكسر، عجزوا عن توفير إنارة تسلط الضوء عليه ليلاً حتى لا نفقده كما فقدناه نهارًا. - وسط البلد.. تبصر خليطًا متموّجًا من الوافدين من جنسيات متعددة بعضها نظامي، وبعضها الآخر تجرّأ على هيبة الأمن، وامتلأت بهم بيوت الحارات وأزقتها وشوارعها وأرصفتها، ولم يعودوا جرس إنذار، بل هم الآن أساس وجزء لا يتجزأ منها ومحرك للكثير من الأمور المعيشية والاجتماعية بها، وشركاء مع سكانها الأصليين في كل أمورهم.. حتى الهواء الذي يتنفسونه، فما كان من أبنائها إلاّ أن هجروها وتركوا الجمل بما حمل.. ولم يعد يربطهم بذاك الركن الجميل من جدة إلاّ الذكرى.. والذكرى فقط. الأسواق.. ولست أعني المولات التجارية فقط، بل كل ما له صلة بعمليتي البيع والشراء من خلال سلع تعتمد أقل جودة في التصنيع، حيث تصنَّع حسب المواصفات التي يطلبها التاجر المستورد، وأصبحت هي الملاذ الوحيد للكثير من المواطنين.. قطع غيار السيارات، والأجهزة الكهربائية، والأثاث.. حتى تحوّلت أسواق جدة إلى مكبٍ لنفايات سلع العالم الرديئة. مرصد.. حتى لا يتحوّل البحر والسوق وحاراتك العريقة يا جدة إلى مجرد رسم وصور تتوارد على أخيلتنا.. يومًا بيوم ليبدأ الآن دوري، ودورك، ودور الجميع، وعلى رأسهم المسؤولون عن جدة؛ لنحد من تلك الظواهر بشتّى الطرق، كل في مجاله، ويد الله مع الجماعة. [email protected]