أصبح العيد سباقا استعراضيًا للمفروشات والأثاثات والملابس وأدوات المطبخ وسائر المقتنيات المنزلية، ففي الوقت الذي كان أهالي بعض القري يجتمعون في منزل واحد لتناول الإفطار يوم العيد ينتظر آخرون هذه الأيام طوال يوم العيد دون أن يطرق الباب عليهم احد، بل إن بعضهم يقضون صباح يوم العيد في النوم ويستيقظون عصرًا، أضحت فرحة العيد مصطنعة بلا روح، ولا يزال الكثيرون يتحسرون على العيد في الماضي مشيرين إلى أن هذه المناسبة في الماضي كان لها نكهة مختلفة ممزوجة بعبق الماضي وروحه التي كانت تحمل البهجة والسرور للقلوب، هذا ما أجمع عليه عدد من الذين عاصروا مظاهر العيد في أيام زمان وعن العيد الآن، يقول أيمن محمد: «في الماضي كان أجمل بكثير من الآن فقد كان أهل القرية قديمًا يجتمعون بعد صلاة العيد في أحد البيوت لتناول الإفطار الذي كان يحتوي على المأكولات الشعبية»، وفي العيد يرتدي الجميع الملابس الجديدة التي قد لا تتوفر في شهور العام وتتوفر فقط يوم العيد، أما جيل اليوم فهو يشتري ما يريد في أي وقت، لذلك لا يشعر بقيمة ملابس العيد الجديدة وما تمثله من فرح، وقديمًا كان الأب هو الذي يشتري ويقرر ولا مجال للاختيار أما هذه الأيام فقد تنوعت الأزياء واختلفت ألوانها والماركات ذات الجودة»، وأشار ايمن إلي أن بعض الأسر أصبحت تحتفل بالعيد بعد العصر أو في المساء لأنهم يقضون صباح العيد في النوم، وعند المساء يذهبون للمعايدة، وأحيانًا ينتظرون طوال اليوم دون أن يطرق الباب عليهم أحد والعيد اليوم اختفى الهدف منه وهو التواد وتقوية صلة الأرحام والتسامح وأصبح الهدف منه البحث عن ملابس من أجل التفاخر والتباهي والاستعراض، وفي الماضي كان الناس يحرصون على قضاء العيد مع أهاليهم حتى لو كانوا في مناطق أخرى، كان هناك حرص على التزاور ومعايدة الأهل والأصدقاء، أما الآن فالعديد من الأسر تخرج لقضاء العيد في جدة أو غيرها من مناطق المملكة بحثًا عن المتعة والترفيه، ومنهم من يذهب إلى الأماكن الترفيهية والسياحية. ويقول سمير الثقفي: «إننا قديمًا كنًا نستقبل العيد جميعًا رجالاً ونساء وأطفالاً بفرحة من نوع خاص، فمن بعد صلاة العيد وحتى صلاة العشاء نقضي الوقت في التزاور والمعايدة وزيارة الأهل والأصدقاء في بيوتهم سواء في قريتنا أو القرى المجاورة، أما شباب اليوم فلا يعرفون قيمة العيد أو فرحته، فيتكاسلون عن الزيارات والمعايدات، لذلك افتقدوا فرحة العيد الحقيقية، وفي الماضي كانت النساء بالقرية يعددن الإفطار، كانت الأم تصنع الخبز والعريكة إضافة إلى القهوة والتمر واللبن، وكانوا يستعدون للعيد بالحناء ويسمونه حناء العيد واليوم امتلأت المحلات التجارية بكافة أنواع الحلويات الشرقية والغربية إضافة إلى العطور والعود بكافة أشكاله وأنواعه، فكل شيء متوفر، ولكن الناس انشغلوا بمصالحهم وأعمالهم وتركوا الصلات والمعايدات». يقول مسفر العلياني: «كان العيد قديمًا يحفل بالزيارات العائلية، وكان رجال القرية يحيون جلسات السمر الغنائية الشعبية كالعرضة والقلطة والمجرور ويقومون بالغناء والطبل مع رجال القرى الأخرى، وكان الأطفال يلعبون الألعاب الشعبية القديمة كالسباق ولعبة الحبية وكانوا يأكلون الخبز والسمن والعسل، أما أطفال اليوم فيقضون العيد في الملاهي والمشتريات المتعددة». ويضيف سعيد الغامدي: «العيد اليوم أصبح يثقل كاهل الأسرة السعودية بالديون، فكثير من الأسر أصبحت تحرص على المظاهر وإبراز أجمل الحلل في العيد في سباق استعراضي لعرض المفروشات والأثاث والملابس حتى أدوات المطبخ والحلويات والعود والعطور والستائر، وكثير من الأسر تضطر إلى الدين لتحقيق هذه المتطلبات دون وجود تخطيط مسبق وترتيب لتوفير هذه المتطلبات، وكل ذلك للتباهي بالجديد ويضيع في كل ذلك الهدف من العيد وهو التواصل والتواد والمحبة»، أما محمد الطلحي فيقول: «مظاهر العيد حاليا مصطنعة وبلا روح برغم اتساع المجتمع ونمائه مقارنة عما كان عليه في الماضي، ففي الماضي كنا ننتظر العيد بفارغ الصبر، ونظل نعاين ونتأمل كسوة العيد من ملابس وأحذية وغيرها كل يوم وننتظر بشغف إعلان عيد الفطر المبارك والذي تجتمع فيه الأسر ويلتقي جميع الأقارب والأطفال فنجدهم مع بعضهم يلعبون ويمرحون، رائد السفياني يقول: «كما للعيد في الماضي فرحة لا زال للعيد في الحاضر فرحته ورونقه الخاص في ظل توافر وسائل الاتصال من هواتف وإنترنت وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت بشكل كبير في التقليل من الجهد والوقت على الأشخاص، فنجد أنه في الماضي لا يستطيع الشخص أن يقدم تهنئته ومعايدته لقريبه إذا كان في مناطق بعيدة لا يستطيع الذهاب إليها واليوم يستطيع الشخص أن يهنئ ويعايد قريبه أو صديقه وهو في مناطق بل ودول أخرى». محمد المالكي يقول: «إن عيد الماضي له فرحة كبيرة لا تقارن بفرحة أعيادنا الحالية والفرق بينها شاسع جدًا والسبب أن فرحة أعياد الماضي هو حب الناس بعضهم لبعض أما الأعياد الحالية، فالناس انشغلت بحب الدنيا، وقل فيه التواصل بين الجيران والتآلف فيما بينهم وكذلك عدم احترام الكبير للصغير وما ينقص فرحة العيد الحاضر هو الاجتماع، والكثير من العوائل تهجر منازلها وتستقر في بعض الاستراحات مع بعض أقاربهم تاركين الجيران وأهل الحي فلا تجد في الحي أيام العيد أحدًا وكذلك البعض يذهب إلي خارج المدينة». المزيد من الصور :