لأهالي محافظة أملج، غربي السعودية، عادات خاصة بالعيد تتشابه مع عادات أهالي بعض المدن القريبة منها، ولكن التمسك بالعادات القديمة هو ما يميّز أهالي المحافظة عن غيرهم مع اختلاف الطريقة في الوقت الحالي، فعادات التآلف والمحبة والترابط والتلاحم الاجتماعي في العيد سواء في البادية أو الحاضرة لا تزال حتى وقتنا الحالي موجودة، ومظاهر الاحتفالات والمهرجانات والأكلات والألوان الشعبية لا تزال مستمرة كما كانت في الماضي، حتى أصبح عيد أملج في وقتنا الحالي يجمع بين الحداثة والعادات القديمة. مستمدة من الشريعة يقول محمد سمان سنيور: إن أهالي أملج لا يزالون متمسكين بعاداتهم القديمة الأصيلة التي توارثوها من آبائهم وأجدادهم، وأغلبها عادات مستمدة من تعاليم الشريعة الإسلامية، ومنها عادات التزاور وصلة الرحم وإظهار الفرح والسرور من خلال إقامة المهرجانات والألعاب والاستعدادات المبكرة، ويقول : في السابق ما أن ينتصف شهر رمضان المبارك إلا ويبدأ ربات البيوت بمساعدة بناتهن في إعادة ترتيب وتنظيف المنازل، وفي الوقت نفسه يبدأ الشباب والرجال في تجهيز ملابس العيد بمساعدة الكبيرات اللآتي يعملن على خياطة الثياب الرجالية و»الكُرت النسائية» -وهو اسم قديم للفساتين- وأيضاً خياطة الطواقي والسراويل المشغولة، كما يفصلن ثياب المخدات والشراشف والأقمشة التي توضع على أثاث المنزل في العيد، وهو ما يشابه الاستعدادات الآن ولكن بوجود الأسواق والمراكز التجارية والمحلات والتقدم في صناعة الملابس والأقمشة وغيرها . حلوى العيد ويحرص أهالي أملج على تقديم الحلوى والبقلاوة وغيرها بجانب القهوة والتمر للمعايدين وفي السابق كان الكبيرات يقمن بإعداد الحلوى ك»الكارملي» و»الكعك» و»المبسوس» و»الفتوت» بأنفسهن ويقمن أيضاً في عمل الخبيز في أفران المنازل كخبيز «العيش» وخبيز «المبسوس» و»الغريّبة» وخبيز «الشبورة» وخبيز «المعمول» لتقديمها للمعايدين، كما يحرصن على التجمل بلباس حشمة و شيمة وتقدير وارتداء «الكُرت» وهو اسم قديم للفساتين، ووضع الحنة على أيديهن وأيدي بناتهن. الصيادون ولعل من الاستعدادت التي يمتاز بها أهالي أملج كان للصيادين في السابق استعداد خاص حيث يقوم الصياد بإخراج قاربه من البحر -والمتعارف عليه بين أهالي البلد «الهوري»- وينقله إلى أمام منزله ويقوم بصبغه بألوان زاهية ويضع على جميع أجزائه قطعاً من القماش ترفرف كالبيارق، فرحة بقدوم العيد. ويشير العم أمين سنوسي أبوبكر شيخ صيادي أملج إلى أن خبر وصول رؤية الهلال له مذاقه الخاص قديماً ففي الوقت الحالي يوجد التطور في تقنية الاتصالات التي تسهل وصول الخبر بشكل سريع وفي الماضي كان هنالك جهاز يسمى «السرويس» يشبه الفاكس في زمنناً الحالي فحين يأتي يوم التاسع والعشرين يذهب من كل عائلة شخص أو شخصان إلى إدارة البرق يلتفون حول الجهاز الذي يرسل من خلاله خبر رؤية الهلال من عدمه، وحين يصل الخبر يبدأ المدفع في إطلاق سبع طلقات مدفعية لينطلق معها الأبناء نحو بيوتهم لإيقاظ أهليهم والبشرى بأن غداً هو العيد فالأهالي قد ناموا لأن الوقت تأخر قبل وصول الخبر، وهكذا كان يصل. ولفت إلى اختلاف عادات التكبير عن السابق حيث في الوقت الحالي أصبح التكبير في المساجد ليلة العيد أما في السابق فكان هنالك شخص يسمى «المكبراتي» يجول في الطرقات مبكراً حتى ساعة متأخرة من الليل . صلاة العيد كما يحرص الأهالي في أملج على حضور صلاة العيد مصطحبين معهم القهوة والرطب تأسياً بسنة النبي بأكل سبع رطبات صباح يوم العيد، كما يشير العم أحمد محمد عبدالرحيم العلي والذي يقول : كان الناس ينطلقون من بعد صلاة الفجر مع صوت طلقات المدفع مكبرين ومهللين ولابسين ثيابهم الجديدة نحو مصلى العيد والذي يجمع أهالي أملج كافة حاضرة وبادية من أهل البلد وأهل القرى المجاورة رجالاً ونساء وأطفالاً. ويشير إلى عادة التهنئة بعد الصلاة حيث يبدأ الناس في السلام على بعضهم ومعايدة بعضهم البعض، وحينها يطلق المدفع للمرة الثالثة سبع طلقات جديدة إيذاناً بانطلاق الفرح، بعدها يمشي الناس نحو المقبرة لزيارة الموتى والسلام عليهم والدعاء لهم. عادات التزاور ولا تكاد تختلف عادات التزاور في السابق عن الوقت الحالي ففي صباح يوم العيد تجتمع كل عائلة في منزل جدهم الكبير ويتبادلون تهاني العيد ويتناولون وجبة الإفطار معاً والتي عادة ما تكون خبزا يسمى «الفتوت» مع الحليب وأحياناً تكون أكلة «العصيدة» عند البعض، وبعد الانتهاء من الإفطار تفتح البيوت لاستقبال المعايدين ويبدأ الأهالي والجيران في معايدة بعضهم البعض، ويتبادلون الزيارات. وفي بعض القرى يقام في صبيحة يوم العيد الإفطار الجماعي حيث يجتمع أهالي القرية والذين يتبادلون التحايا والتهاني بالعيد السعيد ويقوم كل منزل بالمساهمة في إعداد وجبة الإفطار الخاصة والتي دائما ما تكون أكلة «العصيدة» وأكلة «العبود» وهما أكلتان شعبيتان معروفتان في قرى أملج . عيدية الاطفال ويبقى القاسم المشترك في عيد الأطفال هو الفرحة بالعيدية فيمشي الأطفال في مسيرات جماعية لمعايدة الأهالي في منازلهم وكانت العيدية في السابق القرش والقرشان والهللة والهللتان والمحظوظ من يحصل على أربعة قروش كحد أقصى ويعتبر من يقدمها للأطفال من ( الهاي هاي). ويشار إلى أن من العادات الحسنة التي كان يحرص عليها القدامى الإحسان لليتيم في أيام العيد فاليتيم لم يعد يشعر أنه حرم المعايدة مع أبويه فالأهالي كلهم أصبحوا له أبًا وأمًا وإخوة في هذا اليوم السعيد وسيشاركهم الفرح مثل فرحهم. سباق القوارب ويعود معنا العم أمين سنوسي أبوبكر متحدثاً عن بعض الألعاب التي كانت تمارس في مهرجانات العيد سابقاً ومنها سباق القوارب الشراعية في الميناء، وكذلك لعبة كرة الطخ وهي عبارة عن لعبة شعبية تشبه لعبة (الهوكي الشهيرة) في وقتنا الحالي، ومن ألعاب الأطفال لعبة «الجنوط» والتي تصنع من عود وحديدة دائرية يجري بها الأطفال كالبسكليت وبعضهم يلعب بالبسكليتات والمراجيح الخشبية، وكانت تقام في مهرجان العيد قديماً، وهي ما تطور الآن وأصبحت بالدراجات النارية والهوائية والألعاب النارية وركوب عربات الخيول في مهرجاناتنا الحالية. ويقول العم إبراهيم كريم أبو الخير:إن من العادات التي لا يزال أهالي أملج يتمسكون بها حتى الآن اجتماع العائلة على وجبة الغداء والتي عادة ما تكون «حوت الطاجن» و»الصيادية»، ويشير إلى بعض الألعاب الشعبية التي تمارس في المهرجانات كلعبة «المقطوف» و»الزريبي» و»العجل» و»الرفيحي» وألوان «النزكة» و»التكويرة» لبحارة أملج وجميعها ألوان شعبية قديمة إضافة إلى العرضة السعودية. ويحرص الأهالي في المساء على الاجتماع في منزل الجد الكبير وحديثاً أصبح الاجتماع في الاستراحات التي تقع في المدينة أو في أطرافها، حيث يتم استئجار استراحة يتجمع فيها أعضاء الأسرة الواحدة الكبيرة، والتي تضم الجد والأولاد والأحفاد. وهناك تقام الذبائح والولائم، يتبعها اللعب من قبل الصغار والكبار، وتعقد الجلسات العائلية الموسعة.