قرار الاتحاد الأوروبي الصادر مؤخرًا بالإجماع بإدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية بعد ثبوت تورطه في عمليات إرهابية في أوروبا، قرار جيد بالرغم من أنه جاء متأخرًا عن سياقه الزمني المفترض، حيث سبقته محاولتين لم يكتب لهما النجاح. لكن يبدو من الواضح أن التدخل العسكري السافر للحزب في سوريا بمساندة طاغية الشام بشار الأسد في حربه القذرة ضد شعبه - رغم السياسة اللبنانية الملتزمة ب"النأي بالنفس" عن الصراع الدائر في سوريا - حسم هذا الأمر. بيد أن صيغة القرار التي أوحت بأن ثمة فرقا بين جناحي الحزب السياسي والعسكري ربما أوجد تفاوتًا في نظرة كل من الولاياتالمتحدة وأوروبا لهذا الحزب المثير للجدل أولاً باعتباره دولة داخل دولة، وثانيًا لعمله لحساب دولة أخرى (إيران) بعيدًا عن مصلحة لبنان. فالولاياتالمتحدة لا تجد ثمة فرقا بين جناحي الحزب السياسي والعسكري، خاصة وأن قرار الحرب والقيام بعمليات عسكرية يصدر عن القيادة السياسية، كما أن قيادة الحزب المعروفة هي القيادات السياسية، أما القيادات العسكرية فغير معروفة. قد يكون الهدف الأوروبي في التفريق بين جناح عسكري للحزب أصبح مدرجا في قائمة الإرهاب الأوروبي وجناح سياسي غير محظور، هو الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة مع الحزب بعد أن أصبح من الصعب تجاوزه في معادلة التوازنات السياسية في لبنان، إلى جانب الاحتمال أيضًا بأن الاتحاد الأوروبي بهذا القرار أراد توجيه دعوة مبطنة لقادة الحزب بتحويله إلى حزب سياسي. حزب الله الذي أضحى دولة فوق القانون أصبح يشكل في الوقت الراهن العقبة الأساس في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، كما أن الحكومة اللبنانية السابقة انهارت - كما هو معروف - لأن حزب الله رفض التجديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي الجنرال أشرف ريفي.وهو ما يعني ببساطة أن الحزب يعمل في الاتجاه المضاد لمصلحة لبنان وأمنه واستقراره. في كل الأحوال جاء القرار ضربة أخرى للحزب بعد سلسلة الضربات الموجعة المتتالية التي تلقاها مؤخرًا، خاصة بعد الخسائر السياسية والمعنوية إضافة إلى الخسائر المادية الفادحة من جراء قرار مجلس التعاون الخليجي الذي فرض عقوبات على مصالح المنتسبين للحزب في دوله.