من أروقة التعليم ونظرياته إلى دهاليز الشورى ومرافعاته، ومن دعوة الجاليات غير المسلمة إلى قيادة ألعاب القوى العربية، هكذا كان ضيفنا ولا يزال له نصيب من المشاركات والبصمات في مجالات عديدة ومتنوعة، ومن تنوعه هذا كان حوارنا أيضًا متنوعًا ومختلفًا معه؛ يرصد أبرز القضايا والموضوعات، التي تشغل ابن الوطن، ويعالجها بشكل مركز ومختصر، في هذه النافذة نناقش ونحاور عضو مجلس الشورى سابقًا، ومدير تعليم منطقة مكةالمكرمة سابقًا، ورئيس الاتحاد العربي لألعاب القوى سليمان الزايدي؛ الذي أكد في حواره للرسالة أن الموازنة بين «التعليم» و»التربية» ما زال نظريًا، موجهًا نقده لاختبارات القياس التي تقيس المعارف بدلًا من الاتجاهات والميول، كما أن الهوس بكرة القدم أضعف الاهتمام بالرياضات الأخرى، وطالب الزايدي في حواره بالاستفادة من تجارب شركتي أرامكو وسابك لتحقيق العدالة والأمن الوظيفي للشباب السعودي.. هذه القضايا وغيرها في ثنايا الحوار التالي: فشل التعليم من يتحمله؟ أي فشل تقصد؟ هذا حكم مطلق يفتقد للعدالة.. نقاط القوة والضعف موجودة بنسب متفاوتة في كل نظام تعليمي. هل انفصلت «التربية» عن « التعليم» في مدارسنا؟ تستطيع رصد شيء من العزلة في الجانب التطبيقي التفاعلي في المجتمع بكل وضوح. أعني في المؤسسات التربوية؟ يسعى التربويون للمحافظة على التوازن بين التربية والتعليم وفق متطلبات كل مرحلة سنية داخل المؤسسات التربوية لكن الأمر إلى حد ما نظري. هل انتهت صلاحيات التعليم أم أنعشته خطط التطوير؟ يُعولُ على مخرجات التعليم في إحداث التغيير إلى الأفضل؛ فالتعليم عملية تفاعلية متجددة أو هكذا يجب أن تكون. كيف يواكب متطلبات العصر؟ مواكبة المؤسسات التربوية لمعطيات العصر ومستجداته ضرورة حتمية؛ وخطط التطوير من آليات تجويد التعليم التي يجب أن تلازمه له ليبقى قائدًا للأمة ممسكًا بمفاتيح حضارتها بتمكن. «تطوير المناهج» هل طور الطلاب أم إن الحكم مازال مبكرًا؟ تطوير المناهج لابد أن يصقل مجموع الخبرات التربوية، التي تهتم بنمو المتعلم. أين الطالب في التطوير؟ الطالب يجب أن يكون محور التطوير وهدفه لرعايته وصقل شخصيته؛ مهاريًا وفكريًا وقيميًا ونفسيًا ووجدانيًا وجسميًا؛ ولمسُ أثر التطوير على المتعلم يأتي بطيئًا فعلينا الانتظار. اختبارات القياس كيف ترى إحجام بعض الآباء عن السماح لأبنائهم بدخول اختبارات القياس؟ أجد لهم الحق في ذلك؛ فاختبارات القياس في العالم تقيس التوجهات والميول ولدينا تقيس المعارف؛ والفرق واضح؛ والأبناء ليسوا محطات تجارب. لكنه قياس محايد. المنهجية التي يعمل وفقها مركز القياس يجب أن تطور مثلما حصل في بعض الدول مثل بريطانيا، ولا يكون الاختبار ربحيًا بل وطني تموله الدولة. الكل يتكلم عن الشباب لكنهم لا يعطون الفرصة لإثبات أهميتهم، لماذا هذا التناقض برأيك في التعامل مع الشباب؟ نحن شعب شاب؛ وتمكين الشباب ضمانة لمستقبل منتج. إلى متى يظل الشباب يبحثون عن دور لهم؟ من المؤمل أن تؤسس استراتيجية الشباب التي يتوقع أن تصدر قريبًا عن مجلس الشورى لمفاهيم وأسس تعتمد تمكين الشباب لأداء أدوارهم في التنمية والإنتاج، وبالتالي نتخلص من هذا التناقض. ضعف الاهتمام بمناشط رياضية غير كرة القدم في المجتمع، إلى ماذا يعود؟ الهوس.. الهوس بكرة القدم أضعف الاهتمام بما عداها من الرياضات الجميلة خاصة الألعاب الفردية. إذًا ما الحل؟ سلمنا مفاتيح الحل لكرة القدم، التي لم تبق ولم تذر؛ التهمت الأخضر واليابس، واستحوذت على الإعلام والتمويل وعقول ووجدان كثير من الناس، وحتى على سياسة صاحب القرار ياصديقي. لابد من حل..؟ الاهتمام يبدأ من المدارس، والرعاية اللاحقة للموهوبين تكون في الأندية والأكاديميات، وذروة الحصاد هم نجوم المنتخبات الوطنية. البطالة البطالة.. هل المشكلة في ثقافة العمل لدى الشباب أم في التخطيط الحكومي؟ البطالة كوكتيل من المشكلات؛ تولدت لدينا بفعل الطفرة، ساهمت فيه اليد العاملة الأجنبية الرخيصة، وعدم تطبيق الأنظمة؛ وضعف الرقابة والمحاسبة؛ بيئة العمل الطاردة ؛ فقدان الأمن الوظيفي. كيف تكون بيئة العمل جاذبة؟ عندما تتوفر لها المقومات الأساسية التي تولد لدى العامل الانتماء لمؤسسته؛ مثل الراتب المجزي، السكن، التطبيب، النقل، الرعاية الاجتماعية، التدريب على رأس العمل، العلاوات والحوافز. لماذا لا نستفيد من تجارب الآخرين؟ لابد أن دولًا مرت بنفس الظروف ووجدت لها حلا. يا أخي نموذج النجاح في حب العمل وإتقانه موجود لدينا في «سابك» في»أرامكو»، وإذا رغبت وزارة العمل ستجد ضالتها عندما تستنسخ النجاح من هاتين الشركتين الوطنيتين. الحال هنا مختلف. ياغازي.. علينا أن نوجد برامج على غرار الموجود في هاتين الشركتين لنحقق بها العدالة، ونكفل حياة كريمة، وأمن وظيفي لطالب العمل، وسترى ما يدحض نظرية عدم جدية أو كفاءة العامل السعودي؛ المختلف بيئة العمل، والأمن الوظيفي. إذًا ما الذي يمنع من تطبيق ذلك؟ الجواب ليس عندي ولاعندك؛ عند وزارة العمل، عليك أن تعرف أن اهتمام سابك وأرامكو بالعاملين فيهما أفضل بكثير من اهتمام الحكومة بموظفيها، فضلًا عن القطاع الخاص. يبدو أن الإشكالية متفاقمة. هذه إشكالية فعلًا؛ فالعاملون هم أبناؤنا في أي قطاع، والعدالة بينهم واجبة لتكوين أسرة، وتوفير استقرار نفسي واجتماعي وانتماء وطني. حقوق الإنسان جمعيات ومؤسسات «حقوق الإنسان» هل تمكنت من إعطائه حقوقه؟ مهمة الهيئات الحقوقية الدفاع عن الحريات؛ تسعى لإعادتها ولا تملك إعطاءها. إذًا.. أين مؤسساتنا الحقوقية من هذا المفهوم؟ مؤسساتنا الحقوقية حديثة النشأة والتكوين المؤسساتي؛ فهي في مرحلة الألف باء الحقوق. لماذا تغيب عنا ثقافة الحقوق؟ ثقافة الحقوق متدنية لدى غالبية المواطنين؛ غائبة عند من لا يؤدون الواجبات. كيف..؟ أداء الواجبات يفضي لتعلم الحقوق ومعرفتها. صحيح.. لكن هذا لا يكفي!! صحيح لا يكفي.. ومن المؤمل أن تُردم هذه الهوة بمشروع تربية النشء على الحقوق الذي دعت إليه الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وتبنته وزارة التربية والتعليم، وأدخلته بعض الجامعات في مناهجها. لماذا لا يستجوب مجلس الشورى المسؤولين؟ لعدم وجود آلية للاستجواب وفق القوانين البرلمانية. إذا الأسلوب الحالي عقيم؟ ليس الأمر بهذه الصورة كما تعتقد! كيف يمكن أن يشعر المواطن بأهمية مجلس الشورى؟ عندما تكون قراراته ملزمة وليست معلمة. بحكم عضويتك في بعض مكاتب دعوة الجاليات، ما الذي ينقص دعوة الجاليات في السعودية؟ ينقصها وجود برنامج اجتماعي لنُحوّل الموجات البشرية التي تأتي إلينا للعمل خاصة في قطاع الإنشاءات إلى سفراء للإسلام، ولبلادنا، إننا نهدر هذه الفرص بامتياز. ماذا عن الجهود القائمة؟ بالتأكيد بسيطة ومحدودة، فكثير من الوافدين يأتي إلى بلادنا ويعود من حيث أتى دون أن يدخل بيتًا سعوديًا، والشركات تعتمد وبسابق الإصرار الإغلاق على مجتمع عمالها بالضبة والمفتاح. المؤتمرات الصحفية للمسؤولين هل هي لتوضيح الإنجازات أم لتغطية العيوب. إذا لم تتحدث الإنجازات عن نفسها فلن تقدم لها المؤتمرات الصحفية شيئًا. إذًا لماذا هذه الضجة؟ سبقك أمير الشعراء أحمد شوقي في شطر بيت شعر مشهور متسائلًا.. هذي الضجة الكبرى على ما..؟ فعلًا ضجة تصدع رأس المتلقي؛ المؤتمرات الصحفية في غالبها تسعى إلى ترقيع العيوب؛ والدفاع عن الخلل، وستر السوءات ولو بورق التوت. لكن معظم السياسيين في العالم يَعقبُون كل اجتماع ولو لمدة عشر دقائق بمؤتمر صحفي لمدة ساعة. كثير منها مهرجانات لبيع الحكي والتدليس، واستغفال المتلقي، ومواقع التواصل الاجتماعي تعكس عدم ثقة الإنسان البسيط بها. السعوديون وتويتر السعوديون أكثر الشعوب العربية استخدامًا للإعلام الجديد، على ماذا يدل ذلك؟ لست أدري.. إلا أنه من المنطق أن يكون الأمر كما ذكرت لمحدودية وقلة أماكن الترفيه لدى السعوديين لقضاء أوقات فراغهم. برع السعوديون في استخدام (الهشتقة) في (تويتر)، هل هو دليل على تربص بالآخرين أم تفاعل مع الأحداث؟ تعود الناس أسلوب الهجمة على كل جديد مع ما يصاحبه ذلك من إيجابيات وسلبيات. إلى متى ستستمر هذه الموجة؟ رغم الخلل التربوي والقيمي الواضح الفاضح الذي تموج به هذه المواقع إلا أن الموجة ستنحسر مع مرور الزمن، ويذهب الزبد، ويركد الغاوون، وتسير القافلة بكل جمالياتها كما سارت قوافل من قبل. إذا رغبت وزارة العمل في حل البطالة ستجد ضالتها عندما تستنسخ نجاح شركتي سابك وأرامكو
الهيئات الحقوقية تدافع عن الحريات تسعى لإعادتها ولا تملك إعطاءها وهي في مرحلة ألف باء الحقوق
سيشعر المواطن بأهمية «الشورى» عندما تكون قراراته ملزمة ولا توجد آلية لاستجواب المسؤولين