اتحاد الصم يشكل منتخباً نسائياً    اكتشاف كوكب عملاق خارج النظام الشمسي    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    رياض العالم وعالم الرياض    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    أكد أهمية الحل الدائم للأزمة السودانية.. وزير الخارجية: ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية واحترام سيادة لبنان    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    التصعيد الروسي - الغربي.. لعبة خطرة ونتائج غير محسوبة    سمو ولي العهد: سنواصل تنويع وتوسيع اقتصاد المملكة وتعزيز مكانتها الرفيعة    الرياض الجميلة الصديقة    صافرة الكوري «تخفي» الهلال    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    الفيصلي يحتاج وقفة من أبناء حرمة    القوة الناعمة.. نجوم وأحداث !    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    الجموم بمكة المكرمة تسجّل أعلى كمية لهطول الأمطار ب (22.8) ملم    المملكة وتعزيز أمنها البحري    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    «إثراء» يُعيد وهج الحِرف اليدوية بمشاركات دولية    مبدعون.. مبتكرون    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    اكتمل العقد    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغذامي: برامج الابتعاث ستحقق مزيداً من أعداد البطالة
نشر في الحياة يوم 27 - 12 - 2011

منذ حقبة الستينات ومجتمعنا يعيش في صراعات ويناله صدى صراعات خارجية تحيط به، ومهما قاومنا تلك الصراعات يظل التيار أقوى بكثير مما يجعلك تتكيف مع المتغيرات وفق معطيات تؤمن بها وتنتهجها.. علي الغذامي.. من عنيزة كانت البداية وفي جدة والرياض تشكل طيفه.. معجون بحب الوطن ويخاف كثيراً على المجتمع، يرى أن من واجبه أن يفعل شيئاً، لذا نجد له حراكاً هنا وهناك.. هو مؤمن بفكره، وإيمانه هذا جعله في بؤرة صراعات وتناقضات تطول وتقصر.. ضيفنا له منهجه السياسي ويملك رأياً حراً ويعيب على كثير من الرموز تخاذلها في وسط المشروع أو حتى في بداياته.. إذا جلست إليه شعرت بكمية ألم رهيبة على مجتمعه وخوف يسكنه على أجيال ستأتي بعده.. يؤمن بأن هناك تياراً إصلاحياً يريد أن يصنع شيئاً، لكنه يؤمن بأن هذا التيار تنقصه القدوة والشجاعة لذا يتأخر كثيراً.. الغذامي يدين لشقيقه الدكتور عبدالله بالكثير، وفي المقابل لا ينتهج نهجه في الشأن العام ويتفرد بمنهج خاص به يتحمل كل تبعاته.. وعلى رغم فرح الناس ب «الربيع العربي» إلا أنه يرى أن لا نور في آخر النفق.. لنقرأ معاً الحوار ولنتحمل الكثير من الصراحة في طياته..
يقال إن كل «قصيمي» مشروع للجدل؟ ما رأيك؟
- كل تجمع بشري فيه وسط وله جناحان أو طرفان، والقصيم بها من الطرفين والوسط، ولكن قوة حضور القصمان إعلامياً واجتماعياً وتجارياً وثقافياً تشيع هذه النظرة وتصمها بالجدلية.
كيف كان الناس يعيشون في عنيزة ليكون أبناؤهم بهذه الحدية؟
- لا حدية في عنيزة، وأدعي أن الوسطية في كثير من الأمور هي الغالبة، وذلك عائد لانتشارهم في جهات الدنيا الأربع، واكتسابهم ثقافات متعددة، وأعرف من أهل عنيزة مَنْ يعيش حتى في نيوزيلندا ويحمل جنسيتها، ولا يزال «عنيزاوياً»، وعلى العموم فعنيزة مصنع ومخزن للرموز من كل طيف وفن.
عنيزة من الستينات حتى الثمانينات.. ماذا منحتنا؟ وما الذي سلب منها؟ وهل فقدت تأثيرها الثقافي؟
- لم تفقد أي شيء، فهي ولادة ويتوارث فيها الأجيال العلم الشرعي والتجارة والثقافة.
ما الذي فقدته في مقتبل عمرك ولا تزال تتلقى العتب منه إلى الآن؟
- المثابرة على مواصلة التعليم، على رغم الفرص التي كانت متاحة لي لمواصلة التحصيل العالي، ولكن السعي في الأرزاق أفقدني الكثير.
قلق الأمهات، وتعب قلوبهن.. ألم يلجمك عن شيء يوماً ما؟
- قلق الأمهات ألجمني عن الكثير مما كان يجب أن أعمله، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته.
انتقالك إلى جدة للدراسة الجامعية هل أحدث فيك أي اختلاف؟
- نعم ولو أن وجودي هناك كان غير منتظم، ولكن حضوري بعض الندوات والمناسبات «الجداوية» التي لا أزال أتذكر منها حيوية الأستاذ عبدالفتاح أبومدين وشبابه المتجدد، ومنزل أخي الدكتور عبدالله الغذامي، ومجالس و«ثلوثيات» الوجيه المستشار محمد سعيد طيب وآخرين، إذ أخذتني إلى عوالم ثقافية واجتماعية لها صبغة حجازية مميزة بالانفتاح والحبية.
في مراهقتك هل عشت أي نوع من الصراع الفكري، أو سيطرت عليك تيارات معيّنة؟
- نعم فحقبة أواسط السبعينات الميلادية كانت إرهاصات هذا العناء الذي نعيشه الآن، ولم أكن في معزل عن تموّجات هذه الفترة الزمنية ثقافياً وحتى عقائدياً.
من الاتصالات للتعليم.. أليس منعطفاً فاجأ الكثيرين؟
- لا، لأنها بكل بساطة تجارة، ولكنها ملتزمة بأدبيات وأخلاقيات المهنة مهما تنوعت، وهي فرص استثمارية لا تخضع بحدية للتخصص، ولا غرابة في ذلك، إذ كنت أعمل في الاتصالات، ولديّ خبرات فنية وإدارية فيها، أما التعليم فهو محيطي الحقيقي، فوالدي رحمه الله كان معلماً، وشقيقي أستاذاً، وكل أخواتي البنات متعلمات ومعلمات ويعملن بالتعليم.
هل مررت بمحطات فشل أضاعت عليك فرصاً ثمينة تمنيت تحقيقها؟
- نعم وهي وظيفية وتجارية، إذ إن تلك الفترة تعددت فيها خيارات التوظف، وكانت الاختيارات غير مدروسة وتتحكم بها قيمة الدخل الشهري وفرص التطوير المعرفي الفني والإداري، وكان اختياري العمل في الاتصالات قراراً جيداً، ولكنه أفقدني فرصاً في أماكن أخرى مثل العمل في معهد الإدارة.
هل علمتك التجارب لغة جديدة تتحدث بها مع مَنْ يختلف معك؟
- تعلمت كثيراً أنني لا أعيش وحدي في هذا الوطن، فقد عملت في الاتصالات ثم في الاتجار بها، ثم في الترفيه وأخيراً الاستثمار في التعليم، وكذلك من تجاربي في النشاط الاجتماعي والحقوقي والمعاناة الشديدة في محاولة فهم واقع معيشتنا، وتعلمت أن لوني ونسبي وعقلي ولغتي ليست هي الوحيدة فأفرضها قسراً على الناس وأوجب عليهم طاعتي.
الأجيال والعذابات
تعيش أجيالنا نقائض وعذابات يومية لأنها تسمع شيئاً وتعيش شيئاً آخر.. مَنْ المسؤول؟
- المسؤول هو الثقافة الاجتماعية الاستهلاكية وعدم وجود مشاريع اجتماعية وطنية لقيادة المجتمع إلى حيث يجب أن يكون، العالم أصبح قرية صغيرة وهناك تلاقح في الثقافات، ونحن لسنا محصنين بما فيه الكفاية للمحافظة على هويتنا الوطنية، ولهذا فقدت الأجيال الجديدة كل شيء تقريباً من اللغة والثقافة المحلية وصولاً إلى نوعية الأكل.
برأيك مَنْ المتضرر الأكبر من مفهوم المجتمع المحافظ؟
- كل الناس يتضررون بسبب سوء تفسير معنى اللفظ، فالإنكليز محافظون بطبعهم، ومتطرفو أي فكر محافظون، إذاً هذا اللفظ هلامي شامل وليس محدداً بمفهوم.
الرهبة والخوف من الفكرة الجديدة، أو التغيير هل هي حقيقية أم خدعة؟
- حقيقية، والدليل تبريرها أو مقاومتها رجوعاً وتأصيلاً على وقائع من التاريخ.
لماذا أحكامنا قاسية جداً على خيارات الآخرين؟
- لدينا ناس وناس، ولكن هؤلاء لا يطيقون ولا يقبلون بأولئك، ولا يستمع أحدهم إلى الآخر بتجرد من الحكم المسبق من طرف على الآخر، ولنفتش عن القدوة لدى كل طرف وماهية تأصيله لفكرته، ومدى انغلاقه عن فكر الآخر ورفضه، ولو تقبّل المخالفون مخالفيهم على اعتبار احترام الآخر ورأيه، لوصلنا إلى أرضية مشتركة تضمن نتاجاً فكرياً وعلمياً يخدم تطلعات المواطنين.
القطيعة بين أفراد المجتمع لأجل فكرة، أليست إرهاباً من نوع جديد؟
- نعم هي كذلك، والسبب كما ورد في جواب السؤال السابق.
الصراع الفكري، لماذا هو في أشده عندنا عن بقية دول الخليج؟
- بلادنا واسعة ومتنوعة طبوغرافياً وديموغرافياً وحتى لغوياً، أما دول الخليج فهي وحيدة الخلية، ويلزمها اكتمال شروط الطيف الثقافي المتنوع، وهي مجتمعات قبلية ابتليت بالغنى المالي في غير وقته، باستثناء وحيد وهو الكويت، الذي أخذ من الديموقراطية بطرف، ومن التنوع الثقافي والاجتماعي والسياسي بأطراف.
تحولات المجتمع السعودي
كيف تقرأ التحولات التي طرأت على البنية الاجتماعية في السعودية خلال السنوات الأخيرة؟
- أمرُّ من أمامها مرور الكرام، أو أقف بجانبها وأقرأ عناوينها بكل بساطة، وفي بعض الأحيان أضحك منها وأبكي عليها ثم أتجاهلها لقلة الحيلة، وأؤكد هنا أن غياب مؤسسات المجتمع المدني المستقلة التي تأخذ بيد الفرد إلى الهم المجتمعي هو المتهم الأول بفوضى التمثيل الواقعي، والمفترض على كل مواطن لما يجب عليه تجاه وطنه.
ولعلنا نلاحظ فوضى الوعي بالوطنية، حتى المهاجم في فريق كرة القدم إذا ضيّع ضربة جزاء يتهمه المراقبون بعدم الوطنية، وأعتقد أن المقياس الحقيقي للوطنية هو البذل والفداء والأمانة والصدع بما يؤمن بأنه الحق وبكل شجاعة من دون الالتفات إلى احتمالات العقاب والثواب، والبعد عن الولاء للفرد والتأكيد على النشء في دروسهم في الوطنية أن الولاء لله ثم للوطن بكل مقوماته لأنه هو الباقي.
هل هناك عوامل أسهمت في حدوث أي تغيير على نوعية الحياة والتفكير؟
- نعم بالتأكيد، ومن أهمها العولمة بالانفتاح الفضائي، وتغيّر نمط ومنهج التعليم، وشمول أفواج المبتعثين لأكثر المجتمع.
بين ثقافة نخبوية وثقافة شعبية، أين أنت؟ وما الحدود الفاصلة بينهما؟
- أقف محشوراً ومتشرد الفكر بينهما، وكأنني أقف في طابور سعودي أو في إشارة مرور في الرياض، أبواق سيارات المراهقين، وعدم انتظام في الوقوف ورمي مخلّفات وشتائم، أما الحدود الفاصلة بينهما فهي كثيرة، وأهمها عدم النضج المجتمعي بغياب مؤسسات المجتمع المدني المستقلة كما أسلفت، التي تنظّم العلاقة بين الواجب الاجتماعي والوظيفي والمهني والثقافي، ومن تجاربي في مسألة ثقافة المجتمع المدني، أن النخب الثقافية التي تفكّر وتنظّر لها في وادٍ وسواد الناس في وادٍ آخر.
الوصاية على المجتمع والتسلّط على خيارات أفراده مَنْ يمارسها أكثر اليد الدينية أم تقاليد المجتمع؟
- الحقيقة أن تقاليد المجتمع أصبحت مسلمة وكأنها نصّ قرآني، وهو أمر جعلنا نتراجع في كثير من المجالات.
لماذا تبدو تهمة العمالة والمؤامرة من أبرز خصوصياتنا الحديثة؟
- تربى الكثير منا على مقولة «الجدران لها آذان»! ولا يصدق أحد أن يكون منا من يقول الحق من دون خوف فيقع في تهمة العمالة، ولعدم قدرة الناس البسطاء من غير المثقفين والمتخصصين على تحليل الوقائع والواقع تحليلاً واعياً ينبني على المعطيات الحالية على الأرض، فنتواكل ونحيل إلى المؤامرة والعمالة لعدو.
وجود اسمك في كثير من البيانات والخطابات كموقّع عليها، ماذا منحك الأمر؟
- المشكلة أنني أشارك بل أدعو وأثابر في المشاركة والتوقيع والإقناع بضرورة تفعيلها وتحويلها إلى مادة فاعلة وحركية، لتستحيل إلى النصح الصادق لولاة الأمر في بلادنا، لأن المناصحة في المكاتبات أو المداخلات الشفهية لم تجدِ من ثلاثة عقود خلت، ولكن هذا الأمر منحني أخيراً عدم التوازن وعدم الثقة بجدية بعض الرموز المفترضين، وبعض المشاركين الذين تتغيّر مواقفهم بحسب احتمال المخاطرة، ففي المجالس أسود تزأر، وفي الواقع نعام ولا ينفعون إلا للتنظير ورص الكتب فقط، إلا من رحم ربي.
هل وجدت رد فعل من أخيك عبدالله بصفته أحد الرموز الثقافية في الوطن؟
- هوأحد أبرز الرموز الثقافية العرب، وهو الأغلى والأروع في حياتي، وبما أنه كذلك فهو بالتأكيد ليس تاجراً ولا سياسياً منظّراً أو حركياً، وعليه «فماله ومالي» في هذا الشأن.
التوجه الإصلاحي
كيف تقرأ التيار الإصلاحي في بلادنا؟
- كأننا والماء من حولنا**قوم جلوس حولهم ماء
وأرى التيار الإصلاحي بكل أطيافه وكأنه يرتدي عباءة سميكة يبالغ في أن يسبلها خلفه فيجرها لتمحو آثاره التي تطبعها أقدامه الناعمة على تراب الوطن الناعم، ويفتقر كل منها إلى القدوة الحقيقية الشاملة من الذين لا تأخذهم في الله لومه لائم، وأستثنى بعض الرموز القليلة جداً من الذين ينأون عن وصفهم بالقيادات.
«الربيع العربي».. هل هو مرحلة إنعاش لذاكرة التاريخ العربي؟
- الربيع العربي هو ثورة على واقع مرير، ولكن هذه الثورات مع الأسف البليغ أفضت إلى الانزلاق إلى مجهول لا أرى نهاية جميلة لنفقه الرمادي من دون تضحيات إضافية، والذي يبدو لي أن المحصلة إلى الآن لا تعدو أن تكون تنازعاً على كراسي من بعض المتربصين والمنتفعين من تضحيات شعوبهم فقط، ولعل هذا من سنن الحياة السياسية في الثورات التي تقول إن الثورات يخطط لها الأذكياء وينفّذها الشجعان ويستفيد منها «الوصوليون».
هل القنوات الفضائية زادت من حدة التطرف في خطابنا الدعوى والفكري؟
- التطرف قديم، ويتقلب ناعساً في بطون الصفحات الصفراء التراثية البالية وفي الغرف المغلقة، أما والقنوات الفضائية قد أعلنته فقد جعلت منه باباً للارتزاق، وزادت من حدته وجعلته يتعايش ساعة بساعة مع الناس ليضاعف من همومهم، وجعل الناس يشعرون أنهم في الفتنة سقطوا، لأن دفاع كل طرف باستماتة عن فكرته بجر النصوص وتفسيرها لتخدم رأيه، صوّر للناس الحق باطلاً والباطل حقاً بحسب قدرة المنظّر.
الطرح الإعلامي للمتغيّرات المجتمعية هل يلامس واقعنا الحقيقي؟
- لا، بل يدخل في معظمه في باب الوصاية على ما يجب أن يكون عليه المواطن الصالح المفصّل بحسب رغبة وذوق الذين يوجّهون هذا الإعلام.
لماذا سقط بعض العلماء والمشايخ في فخ الإعلام الجديد؟
- رغبة في بريق الإعلام وحشد المريدين والأتباع، والارتزاق منه.
أداء الأجهزة الحكومية هل يمكن إخضاعه لمقاييس الجودة والنوعية؟
- طبعاً لا، لأن أداءها في الأصل يعتمد على تعاميم وقرارات فردية يقرها ويلغيها المسؤول عن هذا الجهاز أو ذاك، بمعنى أنه أداء مزاجي، خصوصاً في ظل غياب الاستراتيجيات الوطنية لعمل الأجهزة الحكومية.
لماذا أنفاسنا قصيرة جداً في العمل التطوعي؟ ألا يحتاج الأمر إلى جهة مسؤولة؟
- إننا نفتقر إلى القدوة، وذلك لعدم استقلالية الجمعيات الخيرية، إضافة إلى تعاظم الشك في أي تجمع قبل أن تشرف عليه جهة حكومية، ثم ليتحول إلى جمعية شبه رسمية وتخضع لبيروقراطية القرار.
المرأة والفوضى
دخول المرأة في المجالس البلدية هل سيغيّر خريطة الطريق للسعوديات؟
- بل سيعطي ترويجاً إعلامياً يزرع الإحساس بأنها حصلت على «هويمش» من حقوقها، ناضلت فنجحت في الحصول عليه، فيلبس على الناس في الداخل والخارج، أما الواقع فإن المجالس صورية غير ذات قيمة وانتخاباتها لذر الرماد في عيون العالم ادعاءً بممارسة الديموقراطية التي هي أصلاً مرفوضة من التيار الديني الذي يعتبر الشريك الرئيسي في توجّه السياسة الداخلية والذي يعتبر الحاكم الثاني في بلادنا.
لماذا يعاني المجتمع من حالة مخاض متعسّرة حين يتعلق الأمر بفتح مجالات جديدة أو قرارات تخص المرأة؟
- أي مجال يتم فتحه بخصوص المرأة أصنّفه على أنه لإشغال التيارات الفكرية المتنافرة في جدال بيزنطي لا نهاية له مثل مجال قيادة السيارة، ولو أن صاحب القرار حسمها مبكراً، بأن هذا الأمر من المباحات أو المسكوت عنه في الشريعة أو حتى المختلف فيه اجتهاداً ويحيل الخيار فيه للناس لكان أولى.
وهو كذلك بهدف رمي حجر في البركة إذا ركدت ومراقبة ردود الفعل، وهذا عائد إلى غياب النصوص الدستورية الشرعية التي يتم تشريعها منذ بداية بناء الدول على أصول التشريع المعتمدة، وهذا ما لا يخفى على أي واعٍ، وهي كذلك في أي بلد في العالم، أما في بلادنا فلم نستقر حتى على رقم وشكل لوحة السيارة.
المرأة لماذا هي مستثناة من استخدام وسائل النقل العام وهي أشد حاجة إليها؟
- الله يرحم حالنا، هل توجد وسائل نقل عام تأمنها المرأة وغير المرأة نظيفة وآمنة؟ لا أعرف غير الطيران وهو وسيلة لها وعليها، وقطار تراثي يشبه تأصيلنا لمسائل لا دخل له بها، ولا أستبعد أن يخرج لنا مَن يعترض لو تقرر تحديثه، على اعتبار أن تحديثه مخالفة للأصول، وأن تطويره مخالف لما درج عليه السلف الذين أسسوا هذا القطار طويل العمر، والوسيلة الثالثة هي خط البلدة إن كانت تصلح وسيلة نقل عام، فهل ببقائها على رغم صدور توصيات عدة لإلغائها ظلم لصاحب القرار؟ إذ لم يتمكن من اتخاذ القرار اللازم والملزم لإلغائها أو تطويرها والله أعلم.
لو أردنا توزيع الأدوار لنحصل على حياة فكرية ناضجة.. بماذا نبدأ؟ وإلى أين ننتهي؟
- الاهتمام بالدراسات الاجتماعية للتأسيس من جديد لمناهج الدراسة بشمولية تنصب في مجملها على ما تنتجه من مخرجات مناسبة لمجتمعنا، ثم الاهتمام بالتدريب وتعيين القوي الأمين في هذه المجالات.
المخرجات التعليمية
هل وجدت أثراً حقيقياً لمشروع تطوير التعليم على مخرجاتنا التعليمية؟
- لم أجد ذلك، بسبب أن مخرجات التعليم تخرِّج طالباً يقرأ ويكتب فقط، وقد نسي ما حفظه في المدرسة لينجح في الاختبار النهائي، ثم تتلقفه التيارات العملية أو الفكرية فيبدأ بالتحصيل العلمي من جديد، وبحسب اتجاه الريح التي يتصادف أن يمر بها.
ما الذي نحتاجه لإصلاح المشهد التعليمي لدينا؟
- نحتاج إلى الكثير، والأهم في جميع الأمور الاستراتيجية مثل بناء الأجيال، هو القرار السياسي الذي ينبني على قاعدة دستورية شرعية لا لبس فيها، من دون انتظار ردود فعل التيارات المتضادة، فالمسؤولية لا تتجزأ.
هل تظن أن التعليم في السعودية له دور كبير في سوء العلاقة بيننا وبين الآخر؟
- لا أعتقد ذلك، ولكن توجهات المعلمين قد تتهم، أما التعليم نفسه متجرداً من المؤثرات الأخرى فلا أعتقد، والدليل ما نجده عند مراجعة قوائم المتخرجين من المدارس والجامعات وحتى المعاهد المتخصصة ومقابلتهم بهدف التوظيف، وبالتجربة نجد أن التعليم لا يخرج مسببات سوء علاقة مع الآخر، ولكنه يخلق ألماً وتساؤلاً عن ما الذي تفعله المؤسسات التعليمية الحكومية بالنشء، وكيف تطالب الشركات والمصانع وهي ربحية بتوظيف المتخرجين حديثاً، وهذا ليس تعميماً ولكنه ظاهرة، ولعلي هنا أشهد وأنا مطمئن بأن المرأة عند توظيفها وهي متخرجة حديثاً تقدم عملاً مميزاً، ولا مقارنة بينها وبين أخيها الرجل.
خصخصة التعليم عندنا، هل تتوجّس منها أم تراها مكبّلة أكثر من اللازم؟
- خصخصة التعليم بعيدة المنال حالياً، وذلك لأن الحكومة تعمل الآن على تطوير التعليم العام، وتعد برامج كبيرة وشاملة لذلك، وأعتقد أن التكامل بين التعليم العام والخاص هو المنظور على المدى القريب وهذا جيد، أما الخصخصة بمعناها الشامل فلن تتحقق على المدى القصير.
كيف ترى مستقبل اقتصادات التعليم عندنا؟
- اقتصادات التعليم ستبشّر بخير عام للجميع، للطالب وللدولة ولمخرجات التعليم على العموم، إن سلمت من المعوّقات الآتية:
أولاً: آفة التستّر التي تنخر في عظامه، ثم ترسله إلى مَوَاطن الفشل، وسيتوقف نموه على مجمعات المدارس الكبرى ذات الحصانة، وتختفي الفرص التنافسية التي نراها أحياناً في بعض المدارس التي يملكها مواطنون من ذوي الخبرة والمواطنة وليست لهم حصانة... هذا أولاً.
ثانياً: غياب الاهتمام اللازم من الدولة كماً ونوعاً، ومعاملتهم غير العادلة بين المدارس الأهلية، فبعضها يحصل على إعانة مجزية على رغم سوء أدائه، والبعض يحصل على إعانة لا تكفي لراتب معلم لنصف عام.
ثالثاً: الوزارة لا تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة مثل التوحّد وفرط الحركة وتشتت الانتباه، وصعوبات التعلّم التي تحتاج إلى اختصاصيين واختصاصيات وغرف مصادر وتجهيزات خاصة، وكان من المفترض دعم المدارس الأهلية التي توفّر هذه الحاجات ومعاونتها على الاستمرار والتطوير.
رابعاً: استمرار الوزارة في تعيين المعلمين والمعلمات أثناء العام الدراسي، ويتم تعيينهم في المدارس الحكومية من دون اشتراط عدم ارتباطهم بعقود مع الغير، مما يسبب إرباكاً في تواصل التحصيل للطلاب، وحدوث مشكلات قانونية بين المدرسة الأهلية والمعلم، وبذلك تتضرر برامج التحصيل للحالة وتطور متابعتها وعلاجها بالنسبة لطلاب وطالبات الاحتياجات الخاصة، ما يخلق منافسة غير متكافئة بين الوزارة والمدارس الأهلية، على رغم أن هذا التصرف مخالف لقوانين وزارة العمل، ويتسبب في إحجام المستثمرين في هذا المجال.
خامساً: كثرة التعقيدات عند إصدار التراخيص، وأهمها البلدية التي لا يمكن أن تفتتح مدرسة أو تنتقل أو تفتح فصولاً إضافية إلا بموافقتها التي قد تكون بحسب العلاقات أو الأمزجة الخاصة، وهذه الأمور تبطئ من نمو التعليم الأهلي.
هل تتوافر البيئة الاستثمارية الناجحة للتعليم الأهلي عندنا؟
- نعم تتوافر البيئة ثقافياً ومالياً وعناصرياً وحتى اجتماعياً لو لم تتدخل المؤثرات السلبية السابق ذكرها، ولديّ قائمة طويلة من المستثمرين المثقفين تربوياً ومن ذوي الملاءة المالية، الذين يرغبون في الاستثمار في التعليم، ولكنهم يترددون إذا علموا أن أهم آليات نجاح استثمارهم وتجاوز المعوقات هي الواسطة.
الابتعاث والبطالة
ما الذي ستحققه برامج الابتعاث الحالية للطلاب والطالبات؟
- ستحقق مزيداً من أعداد البطالة، ولكنها سترفع من جودة نوعية العاطلين، وسنفخر يوماً أن عاطلينا مؤهلون أكثر من عاطلي الدول العربية، وفي هذا الجواب، لا أتكلم من فراغ، والدليل كالآتي:
ابني تخرَّج في جامعة البترول مهندس شبكات كموبيوتر، ولم يجد وظيفة إلا بشق الأنفس وبالأجر الشهري، وبعد معاناة ذهب إلى بريطانيا لإكمال دراسته على حسابه.
وابني الآخر غادر إلى نيوزيلاند بعد عودته من أميركا، مكتفياً من الغنيمة بالذهاب وكأنه يقول: آخذها من قاصرها.
وابني الثالث تخرَّج في أميركا بتخصص إدارة أعمال في التجارة الإلكترونية، ويبحث عن وظيفة ويشترط ألا تكون حارس أمن ب 1500 ريال.
إذاً فبلادنا تخرِّج عاطلين منذ زمن، ولها الفضل حالياً إذ اهتمت بنوعية وثقافة العاطل فرفعتها، وهذا ليس بغريب، فبلادنا من أول السبعينات وهي تدرب عمالة العالم في منشآتنا وبيوتنا، ولها الفضل على كل مجتمعات العالم تقريباً.
ما فلسفتك تجاه كرسي المنصب؟ وما هي أطول مدة تراها للجلوس عليه؟
- إن كانت ثقافتنا أميركية فأربع سنوات ولنسألهم «لماذا أربع؟» ثم نطبق، وإن كانت ثقافتنا فرنسية فسبع والله أعلم.
التعامل مع الشأن العام والرأي العام.. هل تلزمه أدوات معينة؟
- قضايا الشأن العام تتطلب أدوات للتواصل الاجتماعي لتوعية الناس بها، كما تلزمها أدوات قيمية مثل حرية الرأي، وآلية للتجمع السلمي والتعبير عن الرأي، لتصعيدها بعد وعي الناس بها إلى مشاركة شاملة، تحاكي مصالح المجتمع بكل فئاته وأطيافه وتخدم المطالب، ثم توسيع فعالياتها من قضايا نخبوية محدودة يمارسها المثقفون في المجالس الخاصة، إلى الساحات العامة، ومن الندوات المتواضعة المحدودة، إلى شمولية وفاعلية قضايا الرأي العام الوطنية. أما قضايا الرأي العام فهي كما يقرر خبراء علم الاجتماع السياسي، تتطور فعالياتها علي مراحل، وبحسب التغيّر الذي يطرأ على المجتمع بسبب هذه القضايا، التي تتدخل بها الظروف المحيطة، مثل الوضع السياسي والحقوقي الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لأفراد المجتمع، والانفتاح على العالم «العولمة».
كيف تقوّم دور المستشارين الذين يقفون بجوار صانعي القرار عندنا؟
- لا رأي لي في هذا الشأن، لعدم توافر أدوات التقويم، وإذا استطاع مجلس الشورى ذلك فسيصفق له الشعب.
الإسلاميون تسلّموا دفة المجتمع السعودي أكثر من ثلاثة عقود، لو أتيحت لليبراليين المدة نفسها، ما الذي سيتغيّر؟
- المسلمون تسلّموا دفة المجتمع منذ أن نزلت «اقرأ» على قلب نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، ولا وجود لليبراليين حقيقيين كما قال بذلك الدكتور عبدالله الغذامي، أما الذين نراهم ونسمعهم ويدّعون أنهم ليبراليون في الساحات الثقافية أو الإصلاحية، فهم مثقفون يتلمسون طرائق لا لون لها ولا تأصيل شرعي وهي رمادية، أسأل الله العزيز العلي أن يتمكن الباحثون بعد زمن من توصيفهم.
مفهوم التيارات هل نتلمسه في مجتمعاتنا بوضوح؟
- المفهوم واضح، ولكنه يتململ ويتربّص في المجالس بنخبويتها، وفي رأيي أنهم في معظمهم إصلاحيون يسعون للتغيير، ولكنهم يتفاوتون في التكييف لخططهم والتأصيل المناسب لأهدافهم.
تعاملنا مع قضايا الإرهاب من خلال المحاكمات والعقوبات، هل حدّ من الإرهاب.. أم زاد من سخط فئات من المجتمع؟
- من هم الإرهابيون وما تعريف الإرهاب؟ عندما نتوصّل لإجابة مقنعة، يجدر بنا الإجابة عن سؤالك.
الرؤية السياسية وتوجّس الثقافة الدينية وعجز الإدارة.. هل تراها الثالوث المحبط للتنمية عندنا؟
لا..!
سيرة ذاتية
المؤهلات العلمية
- بكالوريوس اقتصاد وإدارة قسم إدارة عامة من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة.
دورات عدة متخصصة وعامة، محلية وعالمية.
الخبرات العملية
- شركة المروج للتدريب والتعليم.
- رئيس قسم في اتصالات مدينة الرياض.
- مدير الخدمات الخاصة والديبلوماسية، إلى الاستقالة عام 1996.
- رجل أعمال ومستثمر بالتعليم الأهلي والخاص إلى تاريخه.
الجوائز وشهادات التقدير
- دروع تقديرية وجوائز من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ووزارة الخارجية، ووزارة البرق والبريد والهاتف، و «بل» كندا العالمية، وذلك للمشاركات المتعددة في المؤتمرات والندوات الخاصة بالاتصالات ونقل التكنولوجيا.
- شهادات شكر وتقدير من وزير البرق والهاتف، والرئيس العام لرعاية الشباب، ووزير الخارجية، و «بل» كندا العالمية، للإشراف والتنظيم لمؤتمرات ودورات رياضية عدة.
نعيش ضياعاً بين «الحق الغائب» و «الباطل السائد»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.