(1) الترفيه فن من لمسات متنوعة،يفرض حضوره على الإنسان فيسري في جسده ويشف روحه،بعيداً عن عوالم الرتابة والملل،ليفضي به إلى فرح خالص،يغمر لحظته الجمالية،ويشبع نوازعه لبلوغ دهشة اللقاء الحميمي بالأماكن والآثار والفنون. (2) هل أن مايجري في مدننا الآن من فعاليات صيفية،وخاصة(الكبيرة) منها يدخل ضمن ذلك المشهد الترفيهي الجمالي الحقيقي؟؟ (3) بداية..فيستحيل أن توجد عالماً ترفيهياً سياحياً فجأة،أوبين عشية وضحاها!يستحيل تحقيق ذلك مع غياب أو تغييب هذه الممارسة المشروعة عشرة أشهر من كل عام!يقضيها الفرد برتابة العوالم النفعية،وملل الأيام المجردة من ممارسات الفرح والترفيه..ليس ثمة سوى الأسواق والاستراحات!. البيئة المنتجة للفعل السياحي غير موجودة،حتى أن أحدنا مع بداية الإجازة الصيفية،يقرأ أسماء فعاليات لم يصادفها يوماً ما في كل أيامه! (4) هذه البيئة المهيئة للسياحة.. للفرح..للجمال غائبة بكل المقاييس!..إليكم هذا المشهد:"تدخل فئة شابة من(المحتسبين) إلى جمعية الثقافة والفنون بجدة،ثم تطلب من متحدثها الرسمي الموجود آنذاك أن يوافيهم بنشاطات الجمعية،فيستسلم بوجل رجل الجمعية ويقدم لهم مايريدون..كأن المسألة تخص نادياً ليلياً،وليس مؤسسة ثقافية شرعية في بلادنا،ثم يسأل هؤلاء الناطق الرسمي للجمعية عن نشاط الموسيقى فيتبرأ منه،كما تبرأ في اللحظة ذاتها من المسرح،وكل قيم الصدق والنضال! هذا المشهد الذي يتكرر كثيرا في أروقة ثقافتنا الجمالية الفنية،يكرس الافتقار المؤلم لبيئة سياحية،تصدح بها أناشيد الكون،ثم تتمسرح أمام العيون المتلهفة للتطهير الأرسطي العتيق!وكل أنواع التطهير من الصلف والجدب والعقم والموت! (5) ثمة فعاليات صيفية تتكرر كل عام،لا أدري ماعلاقتها بالممارسة السياحية،وإلا ماالعبرة والسائح يرى أكبر صحن(كبسة)،وحتى أكبر صحن فواكه(تحتوي على مليون نوع من أنواع الفواكة)كما طالعتنا الصحف قبل أيام؟؟ ثم أليست الفعاليات الرياضية هي اجترار لموسم رياضي طويل،لم نخلص منه إلاقبل أيام!أليست تلك الفعاليات ممارسات رياضية بدنية،لاعلاقة لها بسياحات الجمال والفنون!؟ (6) ..وإذا ماقنع الذين في الداخل بسياحة بلادهم الافتراضية لأسباب ذات صلة بالثقافة والمادة والمجتمع،فكيف ينظر الذين في الخارج لسياحة بلد يفتقر للمتاحف والآثار والمسارح ودور الفنون باختلاف تجلياتها؟ ألم يخطر على البال-مثلاً-الاستفادة من جغرافيا الصحراء لتنظيم رحلات سياحية لتلك الوهاد والتلال والكثبان والجبال الغارقة في سحر التضاريس وفتنة الاختلاف؟! مثل تلك الأفكار يمكن أن يُصنع لنا سياحة ذات هوية ومغايرة للمألوف،فنكون قد استثمرنا طاقاتنا الممكنة لإنتاج فضاءات سياحية مقنعة ومقبولة! (7) في أحد المخيمات الصيفية رأيت ذلك(الداعية)يقف على مسرح(الفنون الجميلة)،يكبر ثم يطلب من أحد الشباب بصلف وشدة أن يحطم إحدى آلات الموسيقى،ليتكفل هو بحمل الآلة الأخرى ليهوي بها،وسط تكبيرات الجماهير (المنقادة)!! هذه إحدى أهم فعاليات ذلك المخيم الصيفي السياحي؟؟ (8) ..في لحظة ما،يطوق الانسان نفسه بسياجات، يظن أنها تحميه من الأعداء (الوهميين)، فينحبس فيها عمره كله!! [email protected]