استثارت قصة "نوم" بين ثنايا مجموعة الكاتب جمال الغيطاني بعنوان: (ساعات)، أستارث عندي ذكرى صديق عزيز كان يحدثني عن نوبات النوم التي كانت تنتابه حتى وهو في خضم عمله، بل وأحياناً كانت تهاجمه بينما هو يمشي في الطريق أثناء الزحام في أحد الشوارع المكتظة بالناس حيث يجد نفسه نائماً بينما هو يمشي مستنداً إلى جسد هذا من الناس أو ذاك يسنده في حالة النوم أو الغفوة التي تنتابه وهو يتجول بين تلك الحشود البشرية المتراصة؟! *** يتحدث الأستاذ جمال الغيطاني في قصة "نوم" عن حالة النوم التي أصبحت تقتحمه دون استئذان، بعد أن كان نومه عسراً، لا يلجه إلا بعد وقت غير قليل، "أما أن أسند رأسي إلى الوسادة وأروح على الفور في النعاس فهذا ما لم أعرفه .." لكنه لاحظ أخيراً، كما يقول، قصر المدة التي يسلكها صوب الغفو، ورحيله السريع إلى النوم .. "لم أعد أعاني التقلب وتغيير وضع الوسادة والتردد مرات على دورة المياه لإفراغ ولو قطرة أشتبه وجودها في مثانتي. ارتحت إلى ذلك. إلى اختفاء المعاناة التي كانت تؤرقني .. إنني لم أعرف النوم طوال ستين عاماً إلا مرتين ..". لكن كل ذلك تغير، كما يقول الكاتب، و"بدأت أتنبه إلى دخولي حالاً لم أعرفه من قبل، عندما يزداد ثقل جفوني ويبدو أمري كأني أحمل أثقالاً فوق رأسي تزيدها قوة غامضة، مجهولة ..". *** هناك أشخاص لا يستطيعون أن يناموا إلا على فراشهم ومخدات نومهم وفي المكان أو الزاوية التي تعودوا عليها، بل وحتى لو اضطروا للسفر للخارج فإنهم يحتفظون بشئ من مقتنيات النوم كمخدة صغيرة، أو بطانية أو خلافه دونها يصعب عليهم النوم. أنا شخصياً ليس لي طقوس معينة في النوم حتى أنني أستطيع أن أنام في أي مكان حتى لو كان غير مألوف أو غير مريح دون أي عناء، فما أن أضع رأسي على الوسادة أو على الشئ المتوفر لوضع الرأس أستغرق في النوم. وعادة ما أقضي مدة السفر على الطائرة، طال أو قصر، نائماً وأطلب من المضيفات عدم إيقاظي لتناول الأكل أو المشروبات حتى أستيقظ بنفسي، أو حين الوصول إلى المحطة النهائية للسفر. *** وهكذا فإن النوم نعمة لا يدركها إلا أولئك الذين حرموا منها، فلا تجد رؤوسهم، التي استغرقتها الحياة وهمومها، أو ثقلت بهم هموم الضمير، مجالاً للراحة والاسترخاء. ومن شاهد فيلم "معالي الوزير" الذي مثله أحمد زكي سيجد مثالاً لما أعنيه حين تتربص الكوابيس بالوزير الذي أثقل عليه ضميره وحرمه نعمة النوم واستبدلها بالأحلام المزعجة. وقد آن الأوان لأترك ال"كي بورد" وأدخل في غفوة محترمة .. وصدق المثل العربي الذي يقول: "نومه وتمطيطه أحسن من فرح طيطة"!! #نافذة صغيرة: [[النوم سلطان ونعاسي غلب عيني هالحين أخليك لكن لا تخليني بحاول أصبر عسى صبري يسليني الله يساعد عيوني لين تاتيني.]] [email protected]