«الهوى سلطان .. الهوى سلطان .. يا عاشقين الهوى سلطان»، هي واحدة من أشهر أغاني المطرب جورج وسوف المُلقب بسلطان الطرب. لكن، على عكس ما يشدو به سلطان الطرب، فإن قاضياً في محكمة أسترالية أثبت بالدليل الساطع أن «النوم» وليس «الهوى»، أو المطرب "وسوف"، هو السلطان الفعلي. *** فقد غط قاض في محكمة أسترالية في نوم عميق أكثر من مرة أثناء جلسات محاكمة متهمين بتهريب المخدرات، الأمر الذي جعل محكمة أستراليا العليا تأمر بإعادة المحاكمة بعد أن ثبت لها أن فترات نوم القاضي أصبحت أطول مع امتداد المحاكمة. وهو ما أدى إلى تشتت تركيز أعضاء هيئة المحلفين بصورة واضحة، وتحوّلت المسألة أحيانًا إلى مادة للتسلية، خاصة وأنه قد صاحب عملية النوم التي وصلت لفترات تصل إلى 20 دقيقة شخير أيقظ بعض الحاضرين؟! *** وهكذا تتضح لنا الحكمة وراء إصرار العديد من القضاة وفقهم الله على عدم التصدي لقضايا الناس إلا بعد أن يكونوا قد أخذوا قسطاً وافياً من النوم حتى ولو تراكمت هذه القضايا في المحاكم لسنوات طويلة. فإذا كانت العدالة لا تنام .. فإن القضاة بشر ينامون .. بل ومنهم، كما في حالة القاضي الأسترالي، من ينام ويُشخر حتى وهو على كرسي القضاء؟! لكن وكي لا نظلم القاضي والقضاة فإن النوم أثناء العمل لا يتعلق بالقضاة وحدهم بل ربما يسبقهم ويتفوق عليهم أعضاء البرلمان في مختلف دول العالم. *** وإذا كانت عدسة أحد المصورين قد تمكنت من التقاط صورة لأحد أعضاء مجلس الشورى السعودي نائماً طوال إحدى الجلسات، فإنها لم تسمع «شخير» أعضاء كانوا معتادي النوم خلال مناقشة أسخن القضايا. وهو ما دعاني، أثناء عضويتي في مجلس الشورى، إلى تصميم كرسي خاص لأعضاء البرلمانات الدولية يستطيع فيه العضو النائم أن يتخذ وضع الاسترخاء دون أن يظهر عليه مظاهر النوم أو تداعياته، بل ويبدو للناظرين بأنه في كامل الوعي والتنبه ؟! *** مثل هذه «التعسيلة» هي إحدى الظواهر المعروفة في مُعظم برلمانات العالم ومجالسها النيابية التي تُعطي كامل الفرصة لأعضائها لأخذ غفوة، قد تطول أحيانا وقد تتصاحب أحياناً أخرى بأصوات تنبئ بدخول صاحبها في نوبة من التفكير العميق؟! ولمن لا يعلم فإن عمق النوم يعني عمق التفكير من أجل التوصل إلى قرارات صائبة . فهاهي أمتنا العربية تغط في نوم عميق ليس كسلاً أو تقاعساً - لا قدر الله - بل للتفكير في «المعادلة» الناجعة للقفز بالأمة العربية من دائرة التخلف إلى دائرة النمو والتقدم. وحتى وإن لم يتحقق الهدف فإن المثل العربي الشائع يقول: «نومه وتمطيطه أحسن من فرح طيطة». * نافذة صغيرة: [حبيتك تنسيت النوم يا خوفي تنساني *** حابسني براة النوم و تاركني سهراني.] فيروز [email protected]