أثار مقال الصديق القديم الأستاذ جهاد الخازن بعنوان: (دنياي تنهار حولي) – الحياة: 14 أبريل 2013، الذي تساءل فيه: "ماذا بقي من الوطن العربي؟ كل ما هو جميل وواعد مهدد أو مضى وقضى لتخلفه بشاعة ويأس. لا أصدق، أو لا أريد أن أصدق، أنني أصف اليوم وطني، وأتمنى أن تثبت الأيام المقبلة أنني أخطأت"، أثار هذا المقال هامش الذاكرة عندي حول رد فعل الشاعر نزار قباني علي مأساة فقده زوجته بلقيس في عام 1981، في حادث مأساوي تحت أنقاض السفارة العراقية في بيروت على إثر انفجار هائل وقع بها أفقده إيمانه بالعروبة التي عرفها، وكتب عنها كثيراً من قصائده السياسية. *** كان الفقد كبيراً على الشاعر فيطلق صرخة حزن مدوية، في قصيدة بلقيس التي ضمنها ليس فقط رثاء زوجته وأمه الثانية، بل ويرثي معها العرب والعروبة في أكثر من موقع في القصيدة. فهنا يخاطب زوجته قائلاً: "بلقيسُ : إنَّ قَضَاءَنَا العربيَّ أن يغتالَنا عَرَبٌ .. ويأكُلَ لَحْمَنَا عَرَبٌ .. ويبقُرُ بطْنَنَا عَرَبٌ .. ويَفْتَحَ قَبْرَنَا عَرَبٌ .. فكيف نفرُّ من هذا القَضَاءْ ؟ فالخِنْجَرُ العربيُّ .. ليسَ يُقِيمُ فَرْقَاً بين أعناقِ الرجالِ ... وبين أعناقِ النساءْ .. *** ها نحنُ ندخُلُ عصْرَنَا الحَجَرِيَّ نرجعُ كلَّ يومٍ ، ألفَ عامٍ للوَرَاءْ ..." وقبلها يُقسم لبلقيس بأنه لن يترك دمها يذهب هدراً ولن يهدأ حتى يكتب في العرب والعروبة ما يشفي غليله في فقدها .. قائلاً: "سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟ أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟." *** ويعود نزار قباني مجدداً وبعد سنوات من مأساة فقد بلقيس في قصيدته التي عنوانها: (متى يعلنون وفاة العرب)، ليخرج إلى أن ما يُسمى ببلاد العرب هي بلاد محكوم عليها بالفناء، حيث ينهي قصيدته بالتساؤل: "إذا أعلنوا ذات يوم وفاة العرب ففي أي مقبرة يدفنون ومن سوف يبكي عليهم وليس لديهم بنات وليس لديهم بنون وليس هنالك حزن وليس هنالك من يحزنون" *** ويتصدى شاعرنا غازي القصيبي – رحمه الله – للرد على نزار بقصيدة ويبلغه فيها بالخبر الحزين: "نزار أزف اليك الخبر لقد أعلنوها وفاة العرب وقد نشروا النعي فوق السطور وبين السطور وتحت السطور وعبر الصور" ثم ينقل إليه ما أصبح عليه حال الأمة العربية، حيث يقول القصيبي، وكأنه يتنبأ بما يقع اليوم من أحداث، حين يقول: "نزار أزف اليك الخبر يموت الصغار وما من أحد تُهد الديار وما من أحد يُداس الذمار وما من أحد فمعتصم اليوم باع السيوف عاد وأعلن أن سلام الشجعان ينتصر" ليُنهي قصيدته مخاطباً نزار قائلاً: "نزار أزف إليك الخبر سئمت الحياة بعصر الرفات فهيىء بقربك لي حفرة فعيش الكرامة تحت الحفر" #نافذة صغيرة: [[أبحث في الخريطة عن وطن عربي آخر، عن وطن كنت أعرف وأحب. ]] جهاد الخازن [email protected]