أكدت عدد من الأكاديميات والمسؤولات والمثقفات على مكانة المدينةالمنورة في التاريخ الإسلامي ودورها في نشر الثقافة الإسلامية، فهي عاصمة الإسلام الأولى، ومنها انطلقت رسالة الإسلام والسلام إلى كافة أنحاء المعمورة، مشيرات في حديثهن ل «المدينة» إلى ما يميز مدينة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام من قدسية وخصوصية في قلوب المسلمين أهلتها لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية. منبع العلم الدكتورة إيناس بنت محمد طه (عميدة الدراسات الجامعية بشطر الطالبات بجامعة طيبة) قالت: نعم هي هذه المدينةالمنورة المنارة عاصمة الثقافة الإسلامية العريقة كانت ومازالت وستظل إلى أبد الأبدين، كل ما فيها مبارك.. ترابها وجبالها وزرعها، ففيها أول مسجد بني في الإسلام والمسجد النبوي ومثوى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وأهل بيته رضوان الله عليهم وفيها جبل نحبه ويحبنا وفيها نخل مبارك وواد مبارك وبقيع مبارك ومجالس علم مباركة، وكل من سكن المدينة يشعر بالسكينة، بل من غير المستغرب أن الرزق بها يبارك الله فيه، وقد كانت المدينة ومازالت منارة علم أنعم الله على العديد من أبنائها بنعمة الذكاء والإبداع فمعلمهم الأول الرسول الأمين النبي الأمي صلى الله عليه وسلم الذي تخرّج على يديه أصحابه الكرام، وكانت أول مدرسة يتعلم بها الصحابة ويتدارسون بها من معلمهم الأول عليه الصلاة والسلام هي دار الأرقم بمكة، وبعد هجرته إلى المدينة أصبح المسجد النبوي الشريف هو المدرسة وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع». وأضافت الدكتورة إيناس: فها هو الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يتعلم اللغة العبرية، كما جعل عليه الصلاة والسلام فدية الأسير المتعلم من الكفار مقابل فك أسره هو أن يقوم بتعليم المسلمين القراءة والكتابة، فلذلك كله كانت المدينةالمنورة عاصمة الإسلام الأولى وهي منبع العلم ومنها شع النور إلى باقي المدن، وكان يقصدها الكثير لأخذ العلم عن أهلها. وبيّنت أنه من هنا ظهرت بها قديمًا الكتاتيب والزوايا والمدارس، ويُذكر أن أول من جمع الأطفال في الكُتّاب في الإسلام هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان مقر الكُتّاب بالمساجد أو في منزل صاحب الكُتّاب، وكان بالمدينة كتاتيب خاصة بالبنين وكتاتيب خاصة بالبنات، والزوايا هي أيضًا لتعليم القرآن الكريم وكان أغلب طلابها من كبار السن و تطور الأمر بظهور ما عرف بالمدارس، وحاليًا بالمدينة جامعة طيبة والجامعة الإسلامية والمدراس في مختلف المراحل ليظل شعاع العلم من المدينة براقًا كما كان ويستمر حفدة المهاجرين والأنصار حاملين لجذوة الشعلة ومسئولية المحافظة على الموروث يدفعهم ويدعمهم حرص الدولة المعهود ودعم خادم الحرمين الشريفين أطال الله عمره. اختيار في محله وقالت عميدة كلية علوم الأسرة بجامعة طيبة الدكتورة سها بنت هاشم عبدالجواد: أن اختيار المدينةالمنورة للاحتفال بها كعاصمة للثقافة الإسلامية لسنة 2013 في محله وفي إطار لفتة تستحقها طيبة الطيبة التي ضمت بين جنباتها قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم والمسجد النبوي الشريف والعديد من مواقع وآثار السيرة النبوية، وكانت ومازالت المدينةالمنورة عاصمة الإسلام وقبلة الثقافة والعلم ومنطلق التاريخ الإسلامي والحضارة التي أنبثق نورها على كافة البلدان والأقطار، ولا غرابة في اختيارها هذا العام كعاصمة للثقافة الإسلامية، ومنطقة المدينةالمنورة حظيت في كافة العصور بعناية واهتمام بالغين، وفي العهد السعودي أولت الحكومة الرشيدة منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، جلَّ اهتمامها وعنايتها ولعل التوسعات المتتالية للمسجد النبوي الشريف والساحات المحيطة به شاهد على ذلك الاهتمام الذي أمتد لكافة المجالات سعيًا نحو تحقيق التنمية الشاملة في عاصمة الثقافة الإسلامية المدينةالمنورة. «هذه طابة» وقالت الدكتورة ميمونة بنت أحمد الفوتاوي رئيسة اللجنة النسائية للمدينة عاصمة الثقافة وعضوة هيئة التدريس بجامعة طيبة: منذ فجر الإسلام، وتأسيس الدولة الإسلامية التي بناها بحكمة وعدل وتواضع المبشرُ الهادي محمد صلى الله عليه وسلم، هذه أنت يا طيبة الطيبة، مذ كنت وأنت محط القلوب ومنزع الهوى، قال عنكِ الحبيب المصطفى عليه أزكى السلام وأتم التسليم: «هذه طابة»، فطبتِ وطابت بك النفوس، وشرف بك المقام، وها أنت يا مدينتي الحبيبة تخطفين الأبصار، وقد خطفت الأفئدة قبلها، ها أنت عاصمة للثقافة الإسلامية، ليس أمرًا جديدًا إنما هو تجديد وإحياء لأصل عميق الجذور، هكذا أراك في عينيَّ وعين كل محب، شدت العزائم، وتكاتفت الجهود، وحظي ذلك كله بقيادات حكيمة رشيدة لتبرز هذه المناسبة كأفضل ما يكون، ووُضعت البرامج وبنيت الأنشطة وأعدت العدة ليكون عامنا هذا كما يليق بمكانة هذه المدينة الأثيرة، وكل القطاعات المدنية رجالاً ونساءً، كبارًا وصغارًا سيكون لهم نصيب في البرامج والأنشطة على مدى العام، نسأل الله إخلاص النوايا وصدق العمل، وأن يكون عامنا كله خير وبركة وعطاء وعزم ممتد. مركز الحضارة وأوضحت الدكتورة نورة سليمان البقعاوي (مساعدة مدير عام التربية والتعليم بمنطقة المدينةالمنورة للشؤون التعليمية) أن المدينةالمنورة هي دار الهجرة وعاصمة الإسلام الأولى ومنبع الثقافة منذ صدر الإسلام ولا زالت، ودورها البارز في نشر الثقافة الإسلامية على مر العصور، ويشهد به القاصي والداني، فلا عجب أن تكون عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2013م، فعلى أرضها نشأ علماء جابوا أنحاء الأرض شرقًا وغربًا نشروا العلم وعلى أرضها وفد إليها جحافل من طلاب العلم ينهلون من معين الثقافة الإسلامية على أرضها، والحديث في هذا الجانب يتسع مداه ولا تكففه مصنفات ومن الدلالات الهامة للدور الثقافي لأي مدينة هو وجود المكتبات. وأضافت الدكتورة نورة: المدينةالمنورة فيها عدد كبير من المكتبات الثرية بمخطوطاتها وكتبها القديمة والحديثة فهي منهل عذب لطلاب العلم وزوار المدينة، وتتنوع هذه المكتبات، فمنها العامة مثل مكتبة المسجد النبوي ومكتبة الملك عبدالعزيز وضمت لهما مكتبات خاصة وقفها أصحابها، ومنها المكتبات الخاصة الوقفية مثل مكتبة السيد حبيب، والمكتبات الخاصة مثل مكتبة آل الأنصاري ومكتبة آل كعكي ومكتبة آل المدني ومكتبة آل الخريجي ومكتبة آل غوث ومكتبة السيد محمد هاشم رشيد رحمه الله ومكتبة الدكتور محمد الخطراوي رحمه الله، وغير هذه من مكتبات كثير مما يصعب حصره في هذا المقال، مؤكدًة أن المكتبات لقيت اهتماما ورعاية من ولاة الأمر في المملكة عامة وفي المدينةالمنورة خاصة حيث كان تأسيس مكتبة المسجد النبوي الشريف 1352ه. ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة والتي وضع حجر أساسها عام 1391ه، ومما يشار إليه بالبنان ما حظيت به المدينةالمنورة من مشاريع عملاقة أبرزها توسعة المسجد النبوي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي تعد أكبر توسعة في التاريخ، فهي المدينة وهي منبع العلم والمعرفة وهي مركز الحضارة وهي عاصمة الثقافة الإسلامية. قراءة جديدة وقالت الدكتورة بسمة جستينية (أستاذ مشارك في قسم العقيدة بجامعة طيبة): هي المدينة، ومأرز الإيمان، وعاصمة الإسلام الأولى، ودار هجرته، ليقيم فيها دين الله تعالى في الأرض، وقد اختار الله تعالى المدينة النبويَّة دار المهاجر حبيبه وصفيه، وكان الرسول قد رأى في المنام أنه يهاجر إليها، فقال عليه الصلاة والسلام: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِي [أي ظني] إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ». وأضافت الدكتورة بسمة: حق لها أن تكون عاصمة الثقافة فهي بحق عاصمتها كما كانت عاصمة الإسلام الأولى، تخرّج منها صحابة رسول الله، من نهل من معلم البشرية كلهم عليه أفضل الصلاة والسلام، وبهذه المناسبة أقول: يغالبني الهوى ليلا فأبكي وليلي في الهدوء وفي السكينة وقالوا شاعر يهذي بليلى فقلت نعم وليلاي المدينة ثراها ضم خير الخلق طرا وفيها أظهر الرحمن دينه قال العاذلون هويت أخرى على أم القرى العليا المكينة فقلت لهم كفاكم أن قلبي تقلّب بين مكةوالمدينة ولاشك أن اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لهي مناسبة تحيي فينا حنينًا لقراءة جديدة لتاريخ خير أمة، صنع تاريخها أعظم الخلق محمّد. دور للمرأة المدينية وأكدت الدكتورة عائشة بليهش العمري (أستاذ مساعد تقنيات التعليم وكيلة عمادة التعليم عن بعد بجامعة طيبة) أنه اختيار موفق للمدينة النبوية عاصمة للثقافة الإسلامية مدينة النور من غمرت بأنوارها المشرق والمغرب وكانت النواة لتأسيس وبناء دولة إسلامية ومركز للخلافة، وقد سبقتها مكةالمكرمة أول عاصمة للثقافة الإسلامية، وأصفهان الإيرانية، وتمبكتو، وحلب، وطاشكند، ومدينة دكار، وطرابلس، وفاس، وغيرها من العواصم، ولكن المدينةالمنورة سيّدة تلك العواصم الإسلامية لما تتمتع به من العلوم الدينية والثقافية والتاريخية، ما جعل اختيارها مستحقًا لارتباطها بالحضارة الإسلامية والتراث منذ الأزل، فمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم زاخرة بالكنوز العظيمة في جميع الفنون ولاسيما الأثرية، ما يحتم على المنظمين بتكثيف الندوات والمحاضرات ودعم إنشاء متحف إسلامي يعرّف الناشئة بتاريخ المدينة وتقديم صورة حقيقية للحضارة الإسلامية إلى العالم، الأمر الذي يساهم في تعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة، ونحن نعوّل إن شاء الله على إبراز المكانة الثقافية والعلمية والثقافية والتاريخية من خلال البرامج المنفذة، ومنح المرأة المدينية جانب من الفعاليات لإبراز دورها الهام الذي يحكي تاريخ المدينةالمنورة تلك المدينة الحبيبة الثرية بالكنوز الثمينة. الثقافة الإسلامية شرُفت وقالت مديرة الروضة الرابعة بالمدينةالمنورة سمر بنت عبدالله القاضي: لقد حبا الله سبحانه وتعالى مدينة رسول الهدى عليه أفضل السلام وأتم التسليم بمكانة عظمى، حيث كانت الهجرة إليها بعد هجرة الحبشة، فهي طيبة الطيبة التي أحبها رسول الله عليه الصلاة والسلام وأحبته، وهي أحب البقاع إلى الله، وأن اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لأمر له أهميته المكانية والعلمية المتفردة عن أي مدينة أخرى، فالمدينة كانت النواة لتأسيس وبناء الدولة الإسلامية الفتية من مشرقها إلى مغربها وكانت مركز الخلافة الإسلامية ومنبع الهدى، وقد شرُفت الثقافة الإسلامية باختيار مدينة رسول الله عاصمة لها، فكم يلزمنا من الجهد لنبرز هذه المناسبة الثقافية والدينية للعالم العربي والإسلامي، وطبعًا أبناء هذا البلد الطيب معنيون بإبراز المكانة الثقافية والروحية للمدينة النبوية وإبراز تفرّدها وتميّزها المكاني والعلمي، ثم الكشف عن الدور المدني في التراث الإسلامي والعالمي، ولا نغفل الحقبة الزمنية المعاصرة للمدينة النبوية من كل الجوانب العمرانية والعلمية والثقافية وتأثيرها في قوة التضامن الإسلامي وإبراز السنة والحديث النبوي الشريف كثقافة مهدها المدينة النبوية الشريفة تلتف حول العالم الإسلامي بأسره فتزيده قوة وتلاحمًا.