لم يحظ الخبر الذي تداولته مؤخرًا وكالات الأنباء وبعض الصحف حول حصول المملكة على المركز الثالث على مستوى العالم في ترتيب الدول الأكثر كسلًا طبقًا لدراسة أعدها فريق بحث دولي تحت إشراف البروفيسور جريجوري هيث من جامعة تينيسي بالولايات المتحدة ونشرت في المجلة الطبية ذائعة الصيت (لانسيت) لم يحظ هذا الخبر بالاهتمام الذي يستحقه ولم تتناول أقلام المختصين والكتاب بالدراسة والبحث والتحليل الموضوعي اللهم إلا عبر بعض المقالات العامة والتعليقات التي كان يغلب عليها الطابع الساخر. ولست هنا بصدد الحديث عن الأبعاد النفسية لهذا الخبر بالنسبة لعموم السعوديين ولا من مدلولاته المحبطة حول مستوى إنتاجية الفرد السعودي... حيث إنني ساقتصر في تناولي على الجانب الصحي وما قد يتبعه من أثر على الوضع الاقتصادي... تحدد الدراسة المعيار التي استندت إليه في مقارنتها وهو مستوى النشاط البدني الذي يقوم به الشخص وتعرف انعدام هذا النشاط بأنه عدم ممارسة 30 دقيقة من النشاط البدني المتوسط (كالمشى مثلا) خمس مرات أسبوعيًا أوعدم القيام ب 20 دقيق من النشاط البدني المجهد ثلاث مرات أسبوعيًا على الأقل وينطبق هذا المعيار على معطيات السنوات العشر الأخيرة حول النشاط البدني الذي تمارسه شعوب 122 دولة من دول العالم اتضح ان هناك تفاوتًا جليًا بين هذه الشعوب من حيث ممارسة النشاط البدني يحث تبين ان 71.9% من سكان مالطا لا يمارسون مستوى النشاط المعياي حسب الدراسة واحتلت دولة سوازيلاند الإفريقية الصغيرة المرتبة الثانية بنسبة 69% بينما احتلت المملكة المرتبة الثالثة بنسبة 68.8% وكانت المرتبة الأخيرة من نصيب دولة بنجلاديش بنسبة 4.7% وبعبارة أخرى فإن الدراسة تظهر أن 68.8% من سكان المملكة لا يمارسون أي نشاط بدني يذكر!! وإذا تأملنا هذه النتيجة نجد أنها تنسجم مع نتائج توصلت إليها دراسات محلية سابقة ونشرت ضمن الخطة الإستراتيجية لوزارة الصحة (1431 -1440) والتي أظهرت أن المملكة تحتل المرتبة الثالثة عالميًا في معدلات السمنة (حوالى 36% من إجمالي عدد السكان) والمرتبة الثالثة عالميًا في معدل الإصابة بمرض السكر (17% من إجمالي عدد السكان) وهذا يقودنا إلى بيت القصيد في طرحنا هذا.. وهو إيضاح الارتباط الوثيق بين هذه النتائج وبين الوضع الصحي العام في بلادنا.. فإذا عرفنا أن زيادة الوزن وقلة النشاط البدني وأساليب الغذاء غير الصحي هي من أهم العوامل المسببة لعدد من الأمراض التي تنتشر في مجتمعنا وعلى رأسها مرض السكر وأمراض القلب والشرايين والجلطات الدماغية والفشل الكلوي والأورام السرطانية.. وهي أمراض تشكل نحو 63% من أسباب الوفيات في العالم ويستنزف علاجها أكثر من نصف ميزانيات وزارة الصحة في دول الخليج.. ومن هنا تبرز أهمية البحث عن وسائل فعالة للحد من مسببات هذه الأمراض والتعامل على نحو يتناسب مع حجمها وخطورتها.. وقد أقرت منظمة الصحة العالمية استراتيجيات محددة لمكافحة هذه الأمراض تهدف في مجملها إلى توفير الدعم لأنماط الحياة الصحية عن طريق تشجيع أنماط الغذاء الصحي والنشاط البدني... وانطلاقًا عن هذا الهدف فقد اهتمت دول الخليج وعلى رأسها المملكة بوضع سياسات برامج وآليات لتحقيق هذا الهدف. د. عبدالرحمن عبدالله خياط - جدة