تعرف خيبر بتقدمها العمراني قبل الإسلام ويؤكد على ذلك آثارها المنتشرة حتى الآن، وتشتمل على عدد من السدود والحصون المبنية من الحجارة، التي يعود تاريخ بنائها إلى أوائل العصر الإسلامي أو قبله، ومن هذه الآثار السدود مثل سد الصهباء وسد الحصيد، وسد المشقوق، وسد الزايدية... إلخ، وأشهر تلك السدود: سد الصهباء والمسمى حاليًا حسب اللوحات الإرشادية لهيئة السياحة والآثار سد البنت، والسد بريءٌ من البنت، ويرجع تاريخ إنشاء هذا السد إلى فترة ما قبل الإسلام، بدليل ما أخرجه البخاري في حديث رجوعه صلى الله عليه وسلم من خيبر حيث جاء فيه ذكر سد الصهباء فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي طلحة التمس غلاما من غلمانكم يخدمني حتى أخرج إلى خيبر فخرج بي أبو طلحة مردفي وأنا غلام راهقت الحلم فكنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل فكنت أسمعه كثيرًا يقول اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال ثم قدمنا خيبر فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب وقد قتل زوجها وكانت عروسا فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه فخرج بها حتى بلغنا سد الصهباء، حلّت فبنى بها ثم صنع حيسا في نطع صغير ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آذن من حولك فكانت تلك وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية رضي الله عنها...... الحديث، وهناك موقعٌ قريب من السد يطلق عليه قبة صفية، لذا فإن حديث الإمام البخاري يؤكد على قدم سد الصهباء، وعندما تُدقق في مواد بناء أساس السد تجد أنها مشابهة لأسس حصون خيبر وهذا يزيد الثقة بأن سد الصهباء بني قبل غزوة خيبر التي أدخلت الفرح والسرور في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بفترة قد تطول حيث تسمى تلك الغزوة (الفتح الذي سُرَّ به الرسول صلى الله عليه وسلم) ويقع سد الصهباء جنوب شرق الثمد (والثمد بلدة قريبة من محافظة خيبر وتقع جنوبها) ويبلغ طوله 250 مترًا وارتفاعه يصل إلى 30 مترًا، وهو مشيد من أحجار غير مشذبة ويظهر من البنيان اختلاف في فترات بنائه وأضيفت على بناء السد طبقة من الملاط من الجهة التي تحجز المياه، ويأخذ السد شكلًا متدرجًا وتزداد سماكته عند القاعدة وتقل في الأجزاء العليا، والسد مدرج من كلا جانبيه، ولا توجد في السد بوابات تصرف المياه التي تحجز خلف السد، مما يدل على أنه كان يحجز خلفه بحيرة كبيرة تؤدي إلى رفع منسوب المياه في حرة خيبر، ويبدو أن الجزء الأكبر من السد قد بقي سليمًا وقد انهار جزءه الشمالي وصمد هذا السد العظيم شامخًا متحديًا العواصف والسيول لما لا يقل عن خمسة عشر قرنًا من الزمان، وتعددت زيارة الكاتب لهذا السد لأنه وما يحيط به موقع جميلٌ وجذاب، ولا سيما أثناء الربيع، ويطالب الكاتب هيئة السياحة والآثار بتعديل المسميات في اللوحات الإرشادية للسد، ولعل الخطأ في التسمية اعتماد بعض المؤرخين على وصف الأهالي.