البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    «الاختبار الأصعب» في الشرق الأوسط    حديقة ثلجية    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    الهلال يهدي النصر نقطة    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الغرب والقرن الأفريقي    نعم السعودية لا تكون معكم.. ولا وإياكم !    ترسيخ حضور شغف «الترفيه» عبر الابتكار والتجديد    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    مدرب الأخضر يستبعد عبدالإله العمري ويستدعي عون السلولي    الأزرق في حضن نيمار    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    الاتحاد يتغلب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخصين في جدة لترويجهما (2) كيلوجرام من مادة الحشيش المخدر    المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعا صحيا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    فقيه للرعاية الصحية تحقق 195.3 مليون ريال صافي ربح في أول 9 أشهر من 2024 بنسبة نمو 49%    رحيل نيمار أزمة في الهلال    «دار وإعمار» تكشف مشاريع نوعية بقيمة 5 مليارات ريال    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    أمانة الشرقية: إغلاق طريق الملك فهد الرئيسي بالاتجاهين وتحويل الحركة المرورية إلى الطريق المحلي    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    هاريس تلقي خطاب هزيمتها وتحض على قبول النتائج    منتخب الطائرة يواجه تونس في ربع نهائي "عربي 23"    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    الدولار يقفز.. والذهب يتراجع إلى 2,683 دولاراً    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    التعاطي مع الواقع    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثّورة السّوريّة: أعباء النّصر
نشر في المدينة يوم 08 - 02 - 2013

النّاس يحملون أعباء النّصر وهم مسرورون؛ لأنّهم يشعرون أنّهم يعملون وهم أحرار كرام ومواطنون من الدّرجة الأولى
الثّورة السّوريّة هي أعظم الثّورات العربيّة على الإطلاق، على الرّغم من جسامة الخسائر التي تكبّدها النّاس بسبب إجرام النّظام وبطشه، وذلك بالنّظر إلى التّغيير الهائل الذي أحدثته في نفوس وعقول أعداد كبيرة من السّوريّين. لا ريب لديّ في أن الثّورة السّوريّة باتت على مسافة قصيرة جدًّا من حسم الصّراع، وتحقيق نصر عزيز بحول الله وطوله، وقد تعلّمنا من التّجارب التّاريخيّة أنّ للنّصر أعباءً وتكاليفَ لا تقلّ عن أعباء المعركة التي تسبقه، وإن كان ما هو مطلوب مختلفًا بعض الشّيء. إنّ أعباء النّصر في سورية تتمثّل في إدارة المعطيات التي ستنجم عن سقوط النّظام، وتمكن القوى الثّوريّة من السّلطة، ومن تلك الأعباء الحفاظ على الأمن ومنع الاقتتال الطّائفيّ وإطلاق الاقتصاد، وهندسة الحراك السّياسيّ وأمور من هذا القبيل..
وهذا بعض التّفصيل في هذه المسألة المهمّة:
1- شعب تعوَّد الحياة في ظلّ الاستبداد والقهر نصف قرن بالتّمام والكمال لا بدّ أن يرتبك، ويربك المسؤولين عنه حين يعيش في أجواء الحريّة وحفظ الكرامة، ولهذا فإنّ من المتوقّع انطلاق موجة من الاحتجاجات على الأجور والغلاء وضعف الخدمات، وموجة كبرى من الاحتجاجات من قِبل الذين فقدوا بيوتهم، ومن قِبل الجرحى والذين فقدوا مصادر رزقهم وغيرهم.. هذه الاحتجاجات ستزيد الوضع العام ارتباكًا، وتزيد الاقتصاد ضعفًا. إنّ النّاس لا يعرفون أنّ الحكومة الانتقاليّة التي تولّت أمور البلاد هي حكومة شبه مفلسة، ومع ذلك فإنّ عليها إدارة بلاد تهدّم جزء كبير منها!
2- هذا يعني أنّ علينا من الآن وضع خطط لإعادة الإعمار، والبحث عن مصادر للتّمويل والاستثمار، بالإضافة إلى العمل على إيجاد اتّحاد للمؤسّسات الطّبيّة السّوريّة المهتمّة بعلاج الجرحى، وهي اليوم تقترب من العشرين منظّمة.
3- بعد سقوط النّظام وإلى أن يستقرّ البلد سيكون هناك اضطراب في الأمن بسبب الأزَمَات المعيشيّة وضعف الأجهزة المسؤولة عن ضبط الأمن وانتشار السلاح، وهذا خطير جدًّا؛ إذ إنّ حركة إعادة الإعمار وتدفّق الاستثمارات الأجنبيّة والمساعدات الإنسانيّة مرتبطة على نحو جذري بأمن البلاد وسلامة الوافدين إليها، ولهذا فلا بدّ من أن تتحوّل كلّ كتائب الجيش الحرّ إلى حرّاس للممتلكات العامّة وحماية النّاس وتأمين حركتهم اليوميّة، وهذا يحتاج إلى تخطيط وتنظيم وتدريب من هذه اللّحظة.
4- الثّورة الذّكيّة هي التي تؤجّل كلّ الخلافات إلى ما بعد نجاحها، وأوّل نجاحاتها الكبرى يتمثّل في سقوط النّظام، وحين يبدأ بناء الدّولة فإنّ كلّ المشاركين في الثّورة -وغيرهم مثلهم- سيحاولون أن تكون الدّولة الجديدة وفق معتقداتهم ومرئيّاتهم الحضاريّة والسّياسيّة، وهذا شيء طبيعيّ، لكن في البلد تنويعات عرقيّة ومذهبيّة وقوميّة كثيرة جدًّا، كما أنّ بين حملة السّلاح من يعتقد بأنّ سلاحهم يحمي أفكارهم وأنّهم لم يبذلوا دماءهم من أجل إقامة دولة ديموقراطيّة، أو من أجل تمهيد الطّريق أمام اللّيبراليّين والعلمانيّين.. ليكونوا في حكومة تحكم مجتمعًا مسلمًا، وهناك اليوم من يدعو على نحو واضح لقيام خلافة إسلاميّة في سورية، وإلى جانب هؤلاء هناك من يريد إقامة دولة علمانيّة بحتة، ومَن يريد إقامة دولة مدنيّة، أو دولة مدنيّة بمرجعيّة إسلاميّة.. إنّ هذه الخلافات والاتّجاهات المتباينة في شكل الدّولة المرتقبة موجودة وملموسة، وفي اعتقادي أنّ أسوأ ما يمكن أن يحدث في مثل هذه الحالة هو الاحتكام إلى السّلاح في فرض أحد الخيارات، أو الاستقواء بالأجنبيّ، واستخدام المال السياسيّ من أجل تكريس اتجاه من الاتّجاهات. إنّ بداية التّغيير تكون بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة لا يتّهم فيها أحدٌ أحدًا بالتّزوير، وبعد ذلك يمكن حلّ الكثير من المشكلات. إن من المهمّ في هذا السّياق إجراء حوار موسّع بين الأطياف الإسلاميّة المختلفة من أجل بلورة رؤية سياسيّة موحّدة ولو على مستوى الخطوط العريضة، كما أنّ من المهمّ أن يدرك الجميع أنّ الشّورى تشكّل جوهر الحكم الإسلاميّ، كما أنّ الشّعب هو مصدر السّلطة، وأعتقد أنّ هذا موضع اتّفاق حيث لا كهنوت في الإسلام. إنّ في إمكان كبار العلماء والسّياسيّين والمفكّرين التّحاور حول شكل الحكم الذي يصلح للنّاس في سورية في المرحلة القادمة؛ حيث يخيّم الكثير من التّعقيد والاشتباك على كثير من القضايا.
النّاس يحملون أعباء النّصر وهم مسرورون؛ لأنّهم يشعرون أنّهم يعملون وهم أحرار كرام ومواطنون من الدّرجة الأولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.