في غفلةٍ مِنَّا.. وفي زمن اكتظاظ الألم والأشياء والأحياء حولنا.. تسرب العمر، ولم يبق إلا وطأة اختلاج قلوبنا بذكريات عكست على ملامحنا بقايا حكايات لن تعود.. وأخيلة تتسلل إلى دواخلنا ترقب من بعيد ضوء حنين. عندما يعتصر الألم أرواحنا نُقلِّب الأوراق، نلملمها ثم نبعثرها.. يومٌ هنا ويومٌ هناك. وعندما يهزمنا الحنين.. تمتد أيدينا إلى أقلامنا.. نسكب من أحبارها جسور وصل تنقلنا إلى حقول، يستظل تحت سمائها طفل يعربد.. يثور.. يرسم.. ويرقص على الألوان. عند مدائن الفطرة.. نسمح للطفل الموجود داخلنا أن يستدرج عواطفنا إلى سني التعرف على الأشياء والانبهار بها، والتعلق بتفاصيلها الصغيرة.. فيأخذنا إلى عالمه ليُشكِّل أحلامنا كما نشتهيها دون خجل أو خوف. علمنا طفل الزوايا ذاك أبجديات السعادة.. وروى لهوه جدب حكاياتنا الناقصة. على أرصفة محطات البراءة تلك.. توقف كل البشر واتحدت كل اللغات.. هذا وذاك ونحن.. وعلى مرافئها استكانت الحكمة، واستحال منطق المعقول واللامعقول فضولاً. وبين الخطوة والخطوة.. نتشبث بالحلم خوفًا من أن تنتهي الحكاية قبل أن تبدأ.. فيعتصر الألم أرواحنا.. وتفقد مشاعرنا حتى الأحقية في القبول أو الرفض. هناك في تلك الزوايا لا ننتظر أمرًا من أحد.. فقط نهرب إليها.. ونغمض أعيننا، ثم ننصت وننصت، ونستجيب لذاك العبث وهذه الضوضاء وتلك البعثرة العذبة. [email protected]